من حيث انتهيت في عمود يوم أمس، أبدأ اليوم، ذلك أن الموضوع يؤثر بشكل كبير على حياة واستقرار الناس ويلقي بآثاره المجتمعية على كل فئات المجتمع.
إذا كانت الجهات المختصة قامت مؤخراً بتشميع أحد الفنادق بسبب وجود استغلال للأطفال داخل مرافق الفندق «ويبدو أن هذا الاستغلال له علاقة بالأمور الأخلاقية» فإن هذه الحادثة ليس حادثة عرضية، إنما دخول موضوع استغلال الأطفال شكل تطوراً فيما يحدث من أعمال مخلة داخل بعض الفنادق، ولا نريد التعميم.
قبل أن أذهب إلى نقاط متعددة في هذا الموضوع، أتوقف عند فقرة وردت في خبر نشر في الصفحة الأولى أمس بصحيفتنا الوطن.
الخبر يقول: «طالب مواطنون اشتكوا لـ «الوطن» بوقف أشكال التجاوزات المخلة بالآداب العامة في فنادق الـ 4 نجوم، بعد أن تعدت آثارها السلبية جدران هذه الفنادق وباتت تقلق راحة القاطنين بجوارها، وقال المشتكون إن أطفالهم باتوا عرضة للسكارى في ذهابهم وإيابهم من المدرسة وجامعاتهم، مبدين خشيتهم من فتح نوافذ المنزل لتجنب أطفالهم وبناتهم رؤية فتيات شبه عاريات وشباب سكارى يرتادون هذه الفنادق».
انتهى الاقتباس، في عدد أمس أيضاً نشر خبر عن إحدى القضايا بالمحاكم صدر فيها حكم على مجموعة أقامت حفلة للشواذ بإحدى مناطق البحرين..!
لا أحب التهويل، ولا التضخيم، غير أن ما سلف كان رصداً لوقائع كلها تؤثر على أهل البحرين وعلى المجتمع البحريني، وعلى القاطنين في مناطق أقيمت فيها الفنادق وجاورتهم، وهذه إحدى الأخطاء التنظيمية أيضاً، اختلاط المناطق السكنية بالمناطق الاستثمارية، منازل تجاور الفنادق، وهذا يدل على سوء التخطيط، وعلى الأخطاء والتجاوزات في وزارات معروفة ورائحتها تفوح.
مشكلة تداخل «السكني والاستثماري مشكلة مقلقة وبها من سوء التخطيط ما بها» وهذا الموضوع يحتاج إلى إفراد صفحات، لكني اليوم بصدد التطرق إلى التجاوزات في بعض الفنادق.
يبدو أن التجاوزات انتقلت من الثلاث نجوم إلى الأربع نجوم، بينما بعض فنادق البحرين يستحقون تصنيف بـ «شهابين ووايد عليهم»..!
وزارة الثقافة قالت إن هناك شركة لتصنيف فنادق البحرين، ولا أعلم هل تم التعاقد معها، أم أنه مشروع مستقبلي، رغم أني سمعت عن المشروع قبل عام تقريباً، إلا أنه من الواضح أن المشكلة ليست في التصنيف فقط.
المشكلة فيما يجري داخل هذه الفنادق من كوارث وممارسات، فهذه هي السياحة التي موجودة بالبحرين، سباحة فنادق وصالات، وسياحة دور سينما، وإلا فلماذا يأتي الزائر لبلد لا توجد فيه مرافق سياحية كما يشتهي ويريد.
مشروع جسر الملك حمد مشروع كبير وضخم واستراتيجي، على الدولة أن تعد العدة له من الآن، بحيث نخطط أن يكون مع افتتاح الجسر وخط سكة الحديد مشاريع سياحية ضخمة تلبي طموحات الزائر، وتجعل البحرين الوجهة الأولى و»الأقرب» للسائح في السعودية والكويت وقطر على أقل تقدير.
الوقت مازال متاحاً، كما أن كل البنية التحتية للطرقات بالبحرين تحتاج إلى نهضة كبيرة خلال أربعة أعوام لتواكب حجم الحركة في المنامة تحديداً مع افتتاح الجسر وسكة القطار.
بلد يتحدث عن السياحة ليس به مدينة ألعاب ضخمة ومتطورة تحاكي مثيلاتها في أوروبا، كيف يحدث هذا؟
نحتاج إلى جزر مفتوحة للسائح حتى يأتي هو وأسرته ليقيم في فنادق، أو منتجعات، مفتوحة على البحر وتجاورها مطاعم وأسواق ومقاهٍ، هذه أبسط مقومات السياحة للزائر الخليجي، السائح الخليجي يريد «بحراً، ومطاعم، وأسواقاً، ومدن ألعاب» إذا امتلكنا هذه الأمور الخمسة يمكن لنا أن ننافس أي بلد على السياحة.
ذهبت إلى بعيد عما يجري في بعض الفنادق، لكن مأزق السياحة إنما هو مأزق بلد، فأغلب المشاريع التي ذكرتها متوفرة في السعودية وعلى سواحل الشرقية، بمعنى أن السعودية أوجدت مقومات للسياحة الداخلية والخليجية بذكاء، ونحن بقينا على سياحة «الفنادق والصالات» حتى اشتكى الأهالي الذين يجاورون هذه الفنادق مما يجري فيها.
أزمة الرقابة على الفنادق مرتبطة بوزارة الثقافة، وبوزارة الداخلية، وأعتقد أن الطرفين لا يقومان بواجبهما على أكمل وجه تجاه الرقابة على الفنادق، حتى وصلنا إلى استغلال الأطفال في مرافق أحد الفنادق، وهذه فضيحة عالمية للبحرين..!
مشروع جسر الملك حمد يحتاج إلى تصور كبير، بمعنى أننا نحتاج كدولة أن ننشئ البحرين الجديدة في المنطقة التي تقابل البسيتين وصولاً إلى المدينة الشمالية، لو تم هذا المشروع، ونقلنا مدينة الأعمال من المنامة القديمة إلى تلك المنطقة فهذا إنجاز كبير، وهذا يعتبر أكبر ضربة للقوى التي تمارس الإرهاب في هذه المناطق لتخويف رجال الأعمال والمستثمرين.
إنشاء البحرين الجديدة في تلك المنطقة سيغير وجه البحرين للأفضل، وسيجعل الإرهاب منحصر في مناطق الإرهاب، فلا يستطيعون الذهاب إلى تلك المناطق لصعوبة العودة من بعد أي عملية إرهابية.
تطوير المشاريع السياحية في جزر حوار أيضاً مطلب مهم للغاية، مازالت المشاريع هناك خجولة ودون المستوى، ولا ترقى لكل الوعود التي أطلقت سابقاً حول مشاريع تطوير جزر حوار، برغم من أن المنطقة جميلة جداً ولو امتلكت هذه الجزر دولة أخرى لفعلت العجائب.
باعتقادي أن السياحة العائلية هي أهم ما يجب أن تركز عليه البحرين، وتخصص لها الميزانيات، وتفتح المجال أمام المستثمرين المحليين ومن دول الخليج للاستثمار في السياحة النوعية، فهناك مردود كبير جداً على الدولة وعلى الاقتصاد، وعلى التجارة، حين تتحرك العجلة في السياحة بشكل علمي ومدروس.
مشاريع الاهتمام بالهوية والتاريخ والثقافة جميلة للغاية أفرحت أهل البحرين، هذا لا خلاف عليه، هي تحفظ هوية الوطن، وتظهر أصالته وأصالة شعبه، لكن هذه المشاريع تبقى أحد فروع السياحة، وليست كل السياحة، من هنا فإن منهجية التفكير والتخطيط لجلب السائح يجب أن تتغير خاصة مع مشروع جسر الملك حمد، وأخشى أن نفتح أعيننا على افتتاح الجسر، ونحن لم نتمم أي شيء من المشاريع المصاحبة في البنى التحتية والسياحة ..!
** رذاذ
أحد الإخوة الأعزاء قال لي ذات مرة: «يا اخوي أنا وياك في كل اللي تكتبه، بس لين تكتب عن الفنادق وخدماتها، كلش أنا مو وياك.. يا أخي ما فيها شي ليش تخرب علينا، احنا بس نروح نسوي مساج عند اللي خبرك، ما نشرب ولا شي، يعني ندور «خدمات صديقة للبيئة» ترى إذا كتبت عن اللي يسوون مساج وصكوهم علينا، باصير ويا اللي خبرك ضدك.. عاد أنت كيفك..»..!!
عشان خاطر أخونا، لا تسكرون «المساجات» سكروا «الصالات» واحنا بنصير بخير، اتركوا المساجات متنفساً للشعب المرهق نفسياً «أقولك الشعب عنده استرس.. مادري استرج»..!!