بعد الحق في مستوى معيشي لائق ينتقل تقرير المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان إلى الحديث عن حق العمل الذي «يعد أهم حقوق الإنسان على اختلافها ويحتاج إلى مقومات تمكن الأفراد من ممارسته، حيث لا يمكن تمتع الفرد بمستوى معيشي لائق من دون وجود مقومات أهمها الحق في العمل باعتباره حقاً تقتضيه الكرامة الإنسانية ويستوجبه الخير العام في المجتمع وفق أسس اقتصادية وقواعد العدالة الاجتماعية بين أطراف العمل».
كما يشير التقرير إلى أن الصكوك الدولية قد أشارت إلى حق الفرد في العمل على نحو يختاره ويقبله بحرية، على أن يتمتع جميع العمال بالأجر المنصف ومكافأة متساوية لدى تساوي قيمة العمل من دون أي تمييز، وفي جانب التوصيات يحث التقرير الحكومة على الانضمام إلى اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (87) لسنة 1988 بشأن الحرية النقابية وحماية حق التنظيم واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (98) لسنة 1988 بشأن تطبيق مبادئ حق التنظيم والمفاوضة الجماعية.
كما يوصي التقرير أيضاً بحث الحكومة على بذل المزيد من الجهود لخلق فرص عمل لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الباحثين عن عمل، وحثها كذلك على بذل المزيد من الجهود لتحسين مستوى الأجور والحوافز الوظيفية في القطاعين الحكومي والخاص بما يتناسب مع مستوى العيش الكريم، بالإضافة إلى توصيات أخرى تطالب بإنهاء التسوية المرضية لملف المفصولين، وسن قانون يعالج شؤون خدم المنازل ومكاتب الاستقدام متضمناً بيان حقوق والتزامات الأطراف كافة.
غير أن التقرير لم يتوقف عند هذه الحقوق المتفرعة عن حق العمل بما يعطيها حقها من الأهمية ويربط بين كونها حقوقاً دولية عامة، ومكانها على أرض الواقع البحريني، فالتمييز في التوظيف ظاهرة عامة في البحرين وخاصة في القطاع الحكومي حيث المحسوبية والعائلية معايير في التوظيف تطغى على الكفاءة والخبرة الأمر الذي أدى إلى بروز البطالة المقنعة في الجهاز الحكومي وإلى تدني الإنتاجية والابتكار والجدية في العمل، ومع أنه تم تشكيل لجان بالوزارات لمراقبة تكافؤ الفرص إلا أن الوضع لم يشهد حتى الآن أي تغييرات عملية.
وإلى جانب التمييز الذي كان على تقرير المؤسسة أن يطرقه بشيء من الشفافية، فهناك أيضاً الحق في العمل والتوصية الخاصة بخلق فرص عمل لاستيعاب أكبر عدد من الباحثين عن عمل، حيث افتقد التقرير الإشارة إلى الواقع المعكوس في البحرين والذي يتمثل في وجود 622 ألف من العمال الوافدين منهم 120ألف عمالة سائبة مقابل 120 ألف عامل بحريني في القطاعين العام والخاص، وبين هؤلاء وأولئك هناك دائماً حوالي 10 آلاف بحريني عاطل عن العمل، وهو وضع لا يعكس أبداً تمتع البحريني بحق العمل في بلاده ولا اهتمام دولته بتوفير هذا الحق.
والجانب الثالث في حق العمل الذي أشار له التقرير سريعاً هو المتعلق بالمطالبة ببذل الجهود لتحسين مستوى الأجور والذي يعكسه تناقض حكومي يتمثل في منح علاوة غلاء المعيشة لأصحاب المداخيل الشهرية حتى 700 دينار وتحديد وزارة العمل لرواتب الجامعيين بمبلغ 400 دينار ثم الأدنى 300 و 250، في حين أن الدول الأخرى تعمل دائماً على الموازنة بين مستوى الأجور وتطور غلاء واحتياجات المعيشة.