حين تكون لدينا قيادة واعية وحكيمة وتسمع إلى صوت الناس والصحافة، فإن هذا الأمر يجعلنا نفخر بقيادتنا وبمجلس وزرائنا الموقر ممثلاً في صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد حفظهما الله.
لست هنا لأزف جملاً من المجاملات، وإنما نحمد الله أن حدثت استجابة كريمة لما طرحته هنا في عمودنا المتواضع قبل شهر أو أقل، الاستجابة حدثت دون اقتراح برغبة، ودون مشروع قانون، ودون مراوحة للمشروع بين المجلسين تأخذ عامين أو أكثر، وهذا بفضل من الله سبحانه وتعالى ثم بفضل من يستمع ويستجيب إلى الاقتراحات الوطنية التي تهم وتعنى بكل أهل البحرين دون استثناء.
فقد وجه مجلس الوزراء الموقر في جلسة يوم الأحد الماضي، وأمر صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله باستقدام وجلب كبار الأطباء والاستشاريين من ذوي الخبرة العالمية إلى البحرين لمعاينة وتقديم العلاج وإجراء العمليات للحالات المرضية المستعصية والصعبة داخل البحرين بدلاً من تحمل المرضى عناء السفر لطلب العلاج.
فلله الشكر أولاً وأخيراً، ومن ثم الشكر إلى سمو رئيس الوزراء الموقر على موافقته على هذا الاقتراح، ونأمل أن يرى النور قريباً بإذن الله.
توقفت عند خبر جميل أحسبه يفرح أهل البحرين، خاصة أن هناك من المرضى من يتعذر سفرهم للخارج بسبب سوء حالتهم، أو أن علاجهم بالخارج يكون مكلفاً جداً، فلا تتم الموافقة على إرسالهم إلى الخارج، من أجل ذلك فإن جلب الأطباء العالميين لهم أمر جيد ويساهم في رفع المعاناة عنهم.
توقفت عند جلسة مجلس الوزراء، غير أن ما أنا بصدده اليوم هو ما بدأت به منذ بداية الأسبوع من استعراض للصورة أو الحالة الانتخابية التي تمر بها البحرين قبل الدخول في المعترك الانتخابي بشكل أقوى كلما اقترب استحقاق الانتخابات.
كتبت بداية الأسبوع عن حالة الخلافات والاختلافات والتخوين التي تحدث داخل جمعية رعاية الانقلاب من جهة، وحالة الخلافات أيضاً مع بقية الجمعيات الصغيرة «الليبرالية» التابعة لعمامة أمين عام الجمعية، أو التابعة لعمامة الولي الفقيه.
من الواضح أن حالة الاختلافات تعصف بهم بشدة، مقاطعة الانتخابات هي خارج مبدأ «خذ وطالب» الذي تسير عليه هذه التيارات منذ نصائح المستشار الإنجليزي لهم منصف القرن الماضي.
ما يفعله علي سلمان من اختطاف لرأي جمعية الوفاق من بعد أن استحوذ على المنصب بديكتاتورية لمدة 10 أعوام وهو يطالب بالتداول والديمقراطية «يمكن يقصد تداول عملات»..!
ما يفعله علي سلمان، يفعله أيضاً شخص آخر بجمعية وعد، هو الآخر يختطف رأي الأعضاء والناس هناك، ويجعل من الجمعية «الليبرالية» تابعه للولي الفقيه، وهذه أبشع صور «الليبرالية الطائفية» وهي أيضاً أبشع صور اختطاف رأي الأعضاء في جمعية مثل وعد التي عرفت عبر تاريخها باستقلاليتها عن التبعية لكل الأطراف خاصة الأطراف الدينية..!
أترك هذا الملف إلى حين، وأذهب إلى جهة أخرى أيضاً تطرقت إلى ما تمر به هذه الجهة قبل أيام هنا، غير أنه هناك مستجدات تحدث كل يوم خاصة بعد ما قيل أن ائتلاف الفاتح لا ينوي طرح قائمة موحدة للانتخابات..!
قلت في عمود سابق إن تصريحات الشيخ عادل المعاودة ستأتي بردات فعل من الأطراف التي وجه لها كلامه ناقداً، وقلت أيضاً إن هناك علامات استفهام كبيرة حول توقيت ومرامي وأهداف تصريحات المعاودة، وفعلاً جاءت رادت الفعل من الأطراف المقصودة.
المنبر الإسلامي ممثلاً في المرشح خالد القطان رد على المعاودة وقال: «محاولتك زعزعة شارع الفاتح غير موفقة».
أيضاً رد الشيخ عبدالرحمن عبدالسلام: «أعتقد أن ما ورد على لسان الشيخ المعاودة «زلة لسان» وليته يعلم أن هذه الطريقة ليست الأنسب لإصلاح الأمور، إنما بالسعي للوحدة ولم الشمل، وأتمنى من المعاودة أن يتراجع عن الكلام الذي صرح به»..!
أيضاً جاء رد آخر من الأستاذ أحمد جمعة وتساءل عن الصفة التنظيمية للمعاودة داخل كتلة الأصالة وقال: «بحسب علمي فإن المعاودة ليس عضواً في الأصالة»!
بعض التعليقات التي جاءت رداً على تصريحات المعاودة حول فشل المستقلين في استجواب الوزراء كانت لاذعة، فقد قال أحدهم في تويتر: «اشدعوة يعني الوزراء ما ينامون الليل خوفاً من استجوابات الأصالة؟».
استعرضت هذه المواقف لأبين أن هناك حالة من «الارتجاج» أو حالة من «تفاعلات التنافر» التي تحدث قبل أية انتخابات، وقد يكون الأمر طبيعياً بعض الشيء، فكل طرف يرى أنه على حق، وأن الآخر ليس كذلك، وكل طرف يريد أن يبرز نفسه وتياره وجمعيته على حساب الأطراف الأخرى.
كل هذه الحالة نشاهدها اليوم أمامنا، وهي تقودنا إلى صورة واحدة واضحة، أن أغلب الأطراف لا تغلب مصلحة الجماعة، ولا مصلحة التيار الوطني، وإنما اليوم هناك من يبحث فقط عن المقاعد الأكثر بين الجمعيات السياسية السنية داخل البرلمان القادم، حتى يصبح وصاحب التمثيل الأكبر للشارع السني.
بعض المحللين يقولون إن ما نشاهده اليوم يعتبر أمراً جيداً، فهذه الحالة تظهر أن هذه الجمعيات غير مسيرة من رجل واحد، وغير تابعة لرجل واحد، وهي تملك قراراتها، وهي تعبر بقناعتها عن مواقفها.
وإذا افترضنا «جدلاً» أن لهذا الرأي وجاهة، فإن الصورة الأخرى تقول إن اختلاف التيارات الحاصلة اليوم ليست في مسألة دينية أو فقهية، وإنما في مسألة سياسية، لذلك من المفترض أن يكون على الأقل هناك تنسيق مسبق، فعلى الأقل يجب أن يكون هناك تعاون وتضحيات، وإلا فإن حالة التشرذم والشتات ستخدم طرفاً يتربص بكل تلك الجمعيات التي ذكرناها، ويتربص بالبحرين.
لا يفوتني هنا أيضاً تصريح خرج بالأمس للنائب السابق محمد العمادي عضو المنبر الإسلامي حيث قال: «إن الأصالة رفضت أربعة مواعيد مقترحة للالتقاء بهم من أجل التنسيق في 4 دوائر انتخابية».
وإن كان هذا الكلام صحيحاً، فإنه يعكس حالة النفور بين الأطراف التي تنتمي لتيار واحد، فأي جهد يبذل من أجل توحيد الناس وعدم تركهم يتشتتون بين المرشحين أمر طيب، نقول ذلك بعيداً عن النيات، أو بواطن الأمور لمن يطرح فكرة التنسيق، فعلينا بالظاهر، ولا يعرف سرائر القلوب إلا هو سبحانه.
ما يعني من كل الذي سبق، مع تفهمي للاختلافات الجزئية، رغم أني أشعر لو أن هذه الأطراف أجمعت بنية ووطنية خالصة وصادقة لخرجوا بتصور أو تفاهمات على أغلب الدوائر، لكن «مثل ما تعرفون كل واحد يرى نفسه زعيم» وأنه يملك الشارع، وهذه مصيبة..!
على الجانب الآخر، لم تتضح الصورة حول مزاج الشارع البحريني تجاه المستقلين، وأعتقد أن صورة المستقلين في البرلمان الأخير ستؤثر بطريقة أو بأخرى على حظوظ المستقلين، ذلك أن البرلمان الأخير كان الأضعف بسبب النواب المستقلين، ونواب الغفلة، الذين وصلوا إلى المجلس ولا نعرف كيف وصلوا، خاصة بعد استقالة أعضاء الوفاق.
المشهد المقلق لأغلب الناس اليوم هو أن حالة التشتت هذه قد تفضي إلى خسران دوائر انتخابية لصالح أطراف تريد الاستيلاء على أكبر قدر من المقاعد، حتى تقول للداخل والخارج أنها هي التي تملك «الأغلبية الشعبية» وبالتالي هي التي يحق لها أن تشكل الحكومة..!
إذا كان هذا الوعي ليس حاضراً لدى من يتراشقون اليوم بعضهم ببعض خاصة من بعد ما مررنا به من أحداث مؤسفة، فإن هذه كارثة ومصيبة ليست على التيار الوطني، وإنما على البحرين كدولة.
أقترح وأتمنى من خلال هذا المنبر أن تجتمع كل هذه الأطراف بما فيهم المستقلين على طاولة تسمى طاولة التنسيق للانتخابات النيابية والبلدية، على أن تتواصل هذه الاجتماعات من أجل الوصول إلى تفاهمات أو تصور للدخول في الانتخابات القادمة، وهذه الطاولة تحتاج إلى تضحيات وإلى تغليب مصلحة الوطن على مصالح الجماعات الصغيرة.
من قلبه على الوطن وأهله لا يتساوى مع من قلبه على جمعيته في صورتها الصغيرة، التحديات التي تعصف بنا تتطلب أن نعود إلى وطنيتنا، وإلى حبنا للبحرين وأن تقدم كل هذه الأطراف تنازلات من أجل أن لا نتشاجر «سياسياً» بيننا وبين بعض، بينما «يطوف» من تحت أرجلنا أشخاص متربصون ويصلون هم، ويتركوننا في شجاراتنا القديمة الجديدة..!
سعيد الحمد يترشح..!
من هذا المنبر أعلن تأييدي للأخ الأستاذ سعيد الحمد وأتمنى له التوفيق في الانتخابات القادمة، رغم أني لا أعرف من هم المرشحين الآخرين بالدائرة.
«يا بو عبد الله أنا لست في الدائرة الانتخابية التي تخصك، لكن لك صوتي عابر للدوائر»..!
** (أنت من الإخوان)..؟
في محادثة مع أخ عزيز وفاضل وفي حديث من المداعبات الجميلة التي يتميز بها الأخ، قال لي بين الكلام: أنت مع الإخوان..؟
قلت له: «لا والله أنا مو مع الإخوان... أنا مع الأخوات»..!!