التصريح الذي أدلى به وكيل وزارة العمل رئيس لجنة مشروع توظيف العشرة آلاف، صباح الدوسري حول سير المشروع منذ أن بدأ تنفيذه والذي قال فيه إن الإقبال على الانخراط فيه حتى الآن مازال متوسطاً، هذا التصريح يعود بنا مرة أخرى إلى محاولات وتجارب إصلاح سوق العمل، والتي بدون أخذها في الاعتبار والاستفادة منها لا يمكن لمشروع توظيف العشرة آلاف بحريني أن ينجح ويحقق الهدف منه.
أولى الحقائق التي أثبتتها تلك التجارب أن سياسة فتح السوق للمنافسة بين العمالة البحرينية والأجنبية، وبالتالي إلغاء نسبة البحرنة الضرورية والملزمة لأصحاب العمل، وفشل سياسة رفع كلفة العامل الأجنبي، وزيادة تدريب العامل البحريني باعتبارهما عاملين أساسيين من عوامل المنافسة في السوق.
وبناء على وجودهما تم إطلاق يد هيئة تنظيم سوق العمل في إعطاء تراخيص استقدام العمالة الأجنبية بالأعداد التي يطلبها أصحاب العمل مادام العمال الأجانب سيدخلون المنافسة أمام البحرينيين ويهزمون حتماً ويفضل أصحاب العمل توظيف البحرينيين.
وفشل هذه السياسة من سياسات إصلاح سوق العمل أحد الأسباب التي أدت إلى تصريح وكيل وزارة العمل، والتي إذا ما أدت إلى فشل المشروع مستقبلاً -كما حدث لغيره من المشاريع المماثلة في الماضي- فإن هذا سيؤدي إلى ضياع 43 مليون دينار تضاف إلى عشرات الملايين من الدنانير التي صرفت على مشاريع التوظيف السابقة.
فقد أدت «سياسة الإصلاح» هذه إلى خلق مواجهة مفتوحة بين وزارة العمل التي تسعى إلى توظيف البحرينيين، والتمهيد لهذا التوظيف بالتدريب ودعم أجور من يتم توظيفهم، وتمكين التي تبذل جهوداً أخرى في التدريب ورفع مستويات العمالة البحرينية، هذا من ناحية، وهيئة سوق العمل من ناحية أخرى بموافقتها المفتوحة على منح تراخيص قدوم العمالة الأجنبية دون شروط ودون مقارنة مع البحرينيين، بل والسماح بانتقال العامل الأجنبي من عمل إلى آخر بما يؤدي إلى إطالة بقاء هذا العامل في البلاد إلى أجل غير مسمى.
إن إصلاح سوق العمل هذا قد خلق عدة جهات مسؤولة عن العمال وعن التوظيف في البلاد تتقاطع فيما بينها في حين أن الوزارة وهيئة تنظيم سوق العمل يرأسهما وزير العمل، وفي الوقت نفسه أكد -الإصلاح- على حرية سوق العمل وأصحاب الأعمال في اختيار وتوظيف من يريدون ومن أي جنسية وبأي راتب ودون إبلاغهم الوزارة المختصة بخططهم للتوظيف وتفاصيل احتياجاتهم من العمالة بمؤهلاتها المختلفة، تقاطعات وثغرات أجهضت إصلاحات سوق العمل ومن المتوقع أن تجهض مشروع العشرة آلاف.