في شهر يونيو الماضي كتبت 6 مقالات في هذا المكان تحت عنوان «صمت ديوان الرقابة» أوردت فيها مجموعة من الحالات والوقائع التي علم بها ديوان الرقابة أوحقق فيها لكنه إما أهمل متابعة تلك التحقيقات أو أنه وقع في أخطاء لم يتداركها ولم يقم بتصحيحها في تقارير لاحقة، علماً بأنه يصدر باستمرار تقارير متابعة يعود لمخالفات سبق أن أشار إليها ويسأل الجهة المعنية ماذا تم بشأنها.
وعلى مدى شهر تقريباً من كتابتي تلك المقالات انتظرت رداً توضيحياً أو حتى تعليقاً من الديوان على ما ورد في المقالات من ملاحظات سلبية بشأن الديوان، رداً شبيهاً بالردود التي يطالب الديوان الجهات التي يحقق عليها أن تقدمها له إما لتفنذ أو تبرر أو تعترف بالمخالفة وتعد بتصحيح الوضع وتلافي ما حدث في المستقبل.
والملاحظات التي ذكرتها في مقالاتي مستقاة كلها من التقارير التي أصدرها ومدعمة بملاحظات مدققين داخليين عملوا في الجهات التي دقق عليها الديوان، وبالتالي فالمفروض والمتوقع من ديوان الرقابة الذي حرص في جميع تقاريره على التعامل بشفافية مع أداء تلك الجهات وأكد دائماً على أن الشفافية هي الوسيلة المثلى لتحقيق النزاهة وحماية المال العام ومنع أوالحد من وقوع المخالفات، هذا الديوان سيسارع إلى الرد على ما أوردت من ملاحظات وتوضيح موقفه منها.
والهدف من الرد ليس تبرئة الديوان نفسه من تهم وجهت إليه، وإثبات أنه على الطريق الصحيح دائماً بعيداً عن الأخطاء والمخالفات، ولكن الهدف من الرد إظهار الديوان نفسه بالجهاز الرقابي الشفاف، مثال الإيمان بالشفافية، والقدوة في تقبل النقد ومناقشة الآراء التي تختلف معه، والاعتراف بالأخطاء وبالتقصير إذا ما حدث من أحد أو أكثر من موظفي الديوان الذين يعدون له تقاريره.
لكن يبدو أن ديوان الرقابة المالية والإدارية إما أنه يعتبر نفسه فوق النقد ينظر إلى الآخرين وإلى الصحافة من برج عاجٍ، ويعتقد أنه فقط الذي يفهم والذي يفعل الصواب، وإما أنه - أي الديوان- لا يختلف عن معظم الجهات التي يدقق عليها منذ 10 سنوات دون جدوى، تراهن سنة بعد أخرى وشهراً بعد شهر على أن هذا الشعب الطيب سرعان ما سينسى، وأفضل وسيلة لمساعدته على النسيان هو الصمت وعدم الرد على ملاحظاته.