المتأمل في تعامل الإسلام مع آفة أم الخبائث، الخمر، يجد أن تشريع تحريم الخمر لم يأتِ مرة واحدة، إنما جاء على مراحل وتدرج لتمهيد الناس على تركه واجتنابه، حيث نزلت أولى الآيات فيه «يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما»، ثم جاءت آية أخرى تنهى عن أداء الصلاة بحالة السكر مما جعل معظم الناس لا يقربونه إلا بعد صلاة العشاء، حتى نزلت الآية التي تحرم الخمر نهائياً «يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون».
خلال الآونة الأخيرة انقسم الرأي العام البحريني إلى 3 فرق ما بين مؤيد ومشيد لقرار وزارة الثقافة بمنع بيع الخمر وغلق الصالات الفنية والمراقص في الفنادق ما دون الـ3 نجوم، وما بين معارض بزعم تأثيره على الاقتصاد، وطرف ثالث غير مرحب ومشكك في نوايا القرار، حيث لم يرَ سوى الجانب الفارغ من الكأس محاولاً كسر عزيمة الناس وتجاوبهم.
لا ندري حقيقة ماذا أصاب البعض الذين يبدو أن قاعدتهم في النظر للأمور مطالعة النصف الفارغ من الكأس فقط، ولماذا كل هذا التعامل السوداوي معه، فحتى وإن كان القرار يأتي لأجل تنظيم سوق الخمر في مملكة البحرين وإنعاش اقتصاد فنادق 4 و5 نجوم، كما يشاع، ويأتي لغرض تجاري، نقول كما قال أحد المؤيدين لهذا القرار «أنت حول هذا الغرض التجاري إلى هدف ديني سامٍ»، وحاول أن تستغله لوضع «طوبة» أخرى لاستكمال البناء النهائي في منعه بالكامل.
بالعقل.. إيهماأفضل؛ تنظيم أماكن بيعه وتقليصها أو «تبقى الدنيا سايبة؟»، «ترى مو غريبة بكرة نشوفه يباع بالبرادات وبيد الأطفال طالما وصل لنسائنا».
السؤال الأهم هنا؛ هل غفل الناس أهمية مساندة القرار بالدعم والتأييد في تطبيقه بحزم ودون تهاون، خاصة مع جملة اعتراضات تجار الخمور ومحاولة ضغطهم على أصحاب القرار بالدولة لدراسة المسألة ومدى تأثيرها على الاقتصاد؟ هل تتوقعون أن يسكت هؤلاء الذين عاشوا سنوات طوالاً على أموال هذا السم الذي يبيعونه وعلى تجارة الدعارة المستترة بفنانات، ما هن بفنانات بالأصل؟
غفل بعض الناس عن أن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، وأول الغيث قطرة، فحتى ديننا الإسلامي تدرج في منع الخمر عن الناس، ونحن اليوم مع تفاقم الوضع وتطوره، ليصل إلى وجود مصانع للخمر على أرض وطننا الذي يقوم دستوره على الشريعة الإسلامية، بحاجة إلى هذا التدرج، وقبل ذلك إلى دعم أهلي وشعبي لهذا القرار من خلال الخروج بحراك شعبي يشكر الدولة على هذا القرار ويبدي مساندته له، حتى لا تكون هناك خطوة تراجع أبداً مع تعالي صيحات تجار الخمر ويدعو إلى المزيد من الإجراءات.
انظروا إلى مواطني دول الجوار، خاصة المملكة العربية السعودية، وكيف استبشروا خيراً بهذا القرار وشكروه، مقابل وجود مواطنين لدينا جبلوا على التذمر الدائم والتعامل السوداوي الشديد واليأس مع الأمور، وعدم إبداء الشكر لأي قرار يخدمهم وإن كان محدوداً، ألا يفكر بعضهم أن صالات ومراقص هذه الفنادق التي تستقطب شرائح كبيرة من الناس الضائعين ستغلق ومن ثم سيجد هؤلاء صعوبة في إيجاد قاعة من نوع «قوي ورخيص»!، بكلمات أخرى القرار حمل لافتة عنوانها لهم «لن تعود بالبحرين صالات الخمر القوي والرخيص، فدائرة سوق الخمر ستضيق وتتقلص أكثر».
نؤكد أن هناك حاجة اليوم للتضامن مع هذا القرار وعدم ترك الساحة فارغة لتجار الخمر والدعارة المعارضين بل، تأكيد مكانة جموع المواطنين المؤيدة للقرار، وأنهم رقم صعب، فوطننا الغالي أمانة والله لا يحل البلاء على بلد إلا بسبب كثرة المنكرات والمفاسد فيه، وهناك حاجة اليوم في البحرين للرجوع إلى الله وإيصال رسالة إلى من يهمه الأمر، إن كان اقتصادنا جزء منه يقوم على هذه التجارة الفاسدة فلا نريد نحن هذا الاقتصاد، وليبقَ كما هو ولا يقوم ولا يتطور والله كفيل بطرح البركة في ما نملك، وإن كان هؤلاء التجار يصورون وجود انعكاسات سلبية وخطيرة على تطبيق القرار وإنه سيهز السياحة البحرينية، نقول لهم بل هناك انعكاسات إيجابية أكبر، فهو إلى جانب جلبه لرضا الله وتوفيقه سيعزز السياحة العائلية النظيفة ومقابل هؤلاء التجار المعترضين الذين ينحصرون في دائرة قليلة تابعوا الشريحة الكبيرة لأعداد المواطنين والخليجيين المؤيدين للقرار بالمقابل.
البحرين من البلاد المباركة، رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام خصها ضمن الدول التسع التي أرسل لملوكها يدعوهم إلى الإسلام، مما يعني اهتمام رسولنا الكريم بها وبأهلها، وقد لبى أهل البحرين دعوته وأسلموا وساروا على نهج الشريعة الإسلامية التي تحرم الخمر، لذا فمن لا يود التجاوب مع هذا القرار نقول له الزم الصمت طالما ليس بيدك شيء تفعله، ولا تحاول كسر عزائم الناس في التجاوب معه وإظهار مواقفهم وحراكهم مقابل حراك تجار الخمر، هذه المسألة فيها نوع من الجهاد وإبداء الحق، ومن يعارض هذا القرار من تجار الخمر ولا يرحب به نقول له أنت تعارض رسالة رسولنا الكريم الذي حمل فيها الإسلام مستبشراً بأن يعتنقه أهل البحرين، فعد إلى رشدك وتجارة الدنيا لا تساوي شيئاً أمام تجارتك مع الله بالتقوى والالتزام بما أمر به.
- إحساس عابر «1»..
أحد المواطنين طالب بإغلاق المراقص التي تعمل ما بعد الثانية صباحاً بحجة وجود «كوفي شوب» فيها، والتي تمارس مظاهر الفسق من رقص ونهب وخمر ودعارة.
- إحساس عابر «2»..
شكراً لقرار وزارة الثقافة الذي نأمل أن يستكمل لنصل يوماً إلى قرار منعه نهائياً، اللهم احفظ ولاة أمرنا وحكامنا ووفقهم إلى الخير وألهمهم الصلاح والسداد وجنبهم الفتن والمفاسد اللهم آمين.. وكل عام وأنتم بخير.