رغم الجموع الكبيرة من المواطنين التي أيدت القرار الذي اتخذته وزارة الثقافة بمنع الخمور ووقف الصالات الفنية في فنادق الثلاث نجوم؛ إلا أن هناك من شكك في «نوايا» هذا القرار وأبعاده، زاعمين أنه جاء فقط لأجل دعم فنادق الأربع وخمس نجوم، لأن مراقص الفنادق ذات الثلاث نجوم التي بدأت تسحب البساط منها وتؤثر عليها.
لذا نقول؛ مهما كانت نوايا هذا القرار الحقيقية وأهدافه سواء المكشوفة أو غير المعلنة و»بالنية الزينة أو الشينة»، إلا أنه بالنهاية يوجد فائدة للجميع ويحقق طموح الشعب البحريني بمختلف فئاته وطوائفه، حتى أولئك «المتنافرون» سياسياًـ بمعنى حتى فئات من الانقلابيين هي مع هذا الملف وتؤيده، وبكلمات أخرى هل القرار سيضر الشعب البحريني أم يفيده ويدعم تحقيق شيء من مطالبه؟
بمعنى حتى لو كانت «النية شينه» وتأتي لدعم مبيعات فنادق الأربع وخمس نجوم؛ فإن هذا القرار سيغلق بعض أماكن الرذيلة المنتشرة في مجتمعنا؛ ألا وهي صالات المراقص في فنادق الثلاث نجوم، مما يعني أننا تخلصنا من جبهة واحدة وتبقى لنا ثلاث جبهات تبيع الخمور نطالب بإغلاقها، وهي فنادق 4 و5 نجوم ومصانع الخمور والمطاعم التي تبيع الخمور، كما أن هذه الفنادق ستضع المرتادين عليها أمام خيار إذا أرادت الخمر فإنه سيكلفك غالياً وستدفع أكثر، مما سيؤثر على بعضهم اقتصادياً وسيحد من انتشاره بين الطبقة الفقيرة والمتوسطة بالمجتمع، والتي بدأت «تتميلس فيها» ومن الزبائن الدائمين على هذه الصالات الرخيصة، ومن يدري ربما هذا القرار «يروح بالسكرة ويأتي بالفكرة»، أي فكرة الهداية والتأمل في قيمة المبالغ التي يضيعها، أقل الإيمان يجلس بمنزله يشرب لوحده بدلاً من ارتياد أوكار الرذيلة والفسق هذه مع من يطلق عليهن لقب فنانات ويتسبب بالمشاكل.
فواقعياً وأمام تردي الحال لدرجة بدء اهتزاز سمعة واسم البحرين وشعبها أمام العالم، شيء أحسن من لا شيء، وأن يقل الضرر المتفاقم وتوضع له حدود وخطوط حمراء أفضل بكثير من أن يتفاقم وينتشر، خاصة مع انتشار الخمور بين الشباب بشكل كبير، وكما أشرنا في مقالات سابقة الخمور لم تعد معنية بشريحة تتوافد على البحرين كل «ويكند»؛ بل باتت تستقطب بعض شبابنا البحريني للأسف، والذي وجد في هذه المراقص ضالة تبدد وقت فراغه ومكاناً للترفيه والفساد، أما المفزع والمخيف فهو بدء انتشاره بين الفتيات، سواء الخليجيات أوالبحرينيات، اللواتي بتن يتجهن لشرائه، ربما ما يقمن به لم يصل لحد الظاهرة المكشوفة لارتياد هذه الأماكن بل للشراء منها فقط؛ إلا أن هذا مؤشر خطير يعني هدم أهم أركان المجتمع، فالمرأة بالنهاية هي مربية الأجيال والمدرسة الأولى لهم.
وللعاقل أن يتأمل كيف وصل الحال بنا، فهذه الصالات والمراقص الليلية عندما بدأت كانت مقتصرة على الأجانب، ثم تطور الوضع حتى وصل إليها شبابنا الخليجيون الهاربون من خلف ظهور عائلاتهم، ثم تطور الوضع أكثر فوصل للشباب البحريني، والسؤال؛ مع بدء انجرار الفتيات لهذا العالم هل تودون ألا تكون هناك خطوط حمراء تضع حداً لهذا المنكر العظيم على الأقل «وتطق بريك»؟
نعود لنذكر أن هناك موضة جديدة سائدة بالبحرين مع بدء تفاقم الموضوع للأسوأ فيما يخص الخمور وبدأت بعض المطاعم ببيعه، خاصة مطاعم الفنادق، من خلال الاتفاق مع الفتيات بالتحرش في المترددين وجرهم إلى عالم الشرب، حيث يتم الاتفاق مع إحدى الفتيات، والتي يفضل أن تكون بحرينية، بالجلوس في المطعم متأنقة متزينة بلباس مثير تجذب من خلاله الزبائن وتتعرف عليهم، بحيث تكون لها نسبة من قيمة فاتورة من يجالسها ويطلب الخمر. السؤال هنا أمام موجة تداول التشكيك بالقرار؛ هل تودون أن نصحوا يوماً ونجد حتى المطاعم العادية تبيع الخمر؟ هل تودون أن نجد بعض الفتيات ينافسن التجار في تجارة الخمر والمنكر وأماكن الخمر موجوداً في كل زاوية وركن بمناطقنا؟
إن كنا اليوم نستنكر معارضة بعض التجار بكل جرأة ووقاحة على قرار وزارة الثقافة، فلا تتفاجؤوا بعد سنين من معارضة بعض فتياتنا أيضاً طالما «الدنيا سايبة» والدنيا يالس تتغير والمظاهر التي ما كنا نتخيلها من سنين أن تحصل باتت من الأمور العادية التي يشاهدها الجميع، هل تصور أحداً قبل عشرين سنة وجود مطاعم ضمن مشروباتها يباع الخمر والناس اليوم ترتادها بشكل عادي؟
نتمنى من الدولة بعد هذا القرار، والذي يمثل باباً يوصد الظاهرة ولا نزال بحاجة للقفل «منع الخمور نهائياً»، وسواء أكان يأتي فقط لتصحيح وضع بعض الفنادق فقط غير معني بمسألة منع المنكر أو يتقاطع مع هدف الحفاظ على سمعة البحرين وشعبها، والذي يرفض الخمور أن يكون العتبة الأولى في سلم تحقيق طموحات الشعب في هذا الملف، والذي يتفق الجميع عليه سواء من موالين أو معارضين، وأن يتماشى مع النظرة الوطنية البعيدة المدى التي ترى بضرورة قطع الطريق أمام زيادة انتشار الخمر، خاصة مع بدء ظهور فنادق بالقرب من المناطق السكنية كمنطقة المحرق على سبيل المثال، والكل يدرك جملة المشاكل التي من الممكن أن يجرها وجود مثل هذه الفنادق بالقرب من هذه المناطق، خاصة مع وقوع حوادث من قبل بدخول بعض السكارى -أعزكم الله- إلى المناطق السكنية القريبة من الفنادق والتحرش بفتياتها وملاحقتهن، لذا نتمنى أن تكون الخطوة التالية التي تتبع هذا القرار بهدف دعم مبدأ السياحة العائلية الداخلية النظيفة والحرص على سمعة البحرين واقتصادها منع بيع الخمور في الفنادق المتواجدة في المناطق السكنية كالمحرق على الأقل.
أما بخصوص من يدافعون عن هذا القرار متذرعين بتأثيره على الاقتصاد نقول لهم؛ بالمناسبة عن أي اقتصاد تتحدثون والبركة منزوعة من هذه المفاسد؟ إن لم تتقوا الله في تجارتكم الزائلة فاستحوا منه أمام عباده على الأقل «وصحصحوا ضميركم شوي»، فهذا السم الذي تبيعونه ألا تتوقعون أن يطال أبناءكم ومعارفكم، وألا تتوقعون يوماً أنكم ليس ببعيدين عن دائرة فقدان أحدهم بسبب ما يقود إليه من مشاكل كفقدانهم جراء سائق مخمور كما حدث سابقاً مع ضحايا أبرياء راحوا جراء ما تتاجرون به من خمور تروح بعقول الناس وحواسهم.
ختاماً نقول لأصحاب القرار في الدولة؛ الأصوات التي تدافع عن تجارة الخمور أصوات نشاز بعيدة عن حقيقة مطالب الشعب البحريني المسلم الذي يحلم بسياحة عائلية نظيفة تحافظ على سمعتنا وتسقط عنا لقب (...) الخليج