في الوقت الذي تتحالف فيه دول العالم لمحاربة الإرهاب، تدك نيران حزب الله والجيش اللبناني مخيمات اللاجئين السوريين في عرسال اللبنانية فتقتل 61 شخصاً بينهم 25 طفلاً وامرأة، فأي تحالف هذا؟! تحالف يترك من يقتل بالطائرات والصواريخ أطفالاً ونساءً فلا يذكره ولا يتطرق إليه ولا حتى يستدعي مرتكبيه إلى مجالس حقوقية ولا إلى محاكم دولية، فأي إرهاب إذاً يحارب؟ هل هناك إرهاب مسموح وإرهاب ممنوع؟ وهل هناك ذبح حلال وذبح حرام؟ أفيدونا يا دول العالم المتحضر الذي يجيز قتل النساء والأطفال في المخيمات ويسكت عن ذبح مئات الآلاف في سوريا والعراق، ثم يقولون سنتحالف للقضاء على الإرهاب.
بالله عليكم كيف لا يزرع ويتربى الإرهاب؟ بعدما يشاهد الأطفال والنساء والرجال برك الدماء تسيل أمام أعينهم والأشلاء تتناثر حولهم، تصوروا أن يذبح أبناؤكم أمامكم وتغتصب زوجاتكم وبناتكم، هذا ليس تصوراً، بل حقيقة يعيشها السوريون والعراقيون كما يعيشها اللبنانيون، هذا الإرهاب الصفوي الذي يباركه هذا التحالف حين يترك إرهاب الدريل والسكين والكيماوي والبراميل ويكتفي بالفرجة، هذا الإرهاب الذي أزهق أرواح 5 ملايين عراقي، وراح ضحيته أكثر من مليون سوري، بل ظل الإرهاب يلاحقهم حتى في ملاجئهم، فلا ملجأ لهم اليوم ولا منقذ، والعالم لم يستطع أن يقتلع حتى بشار ولا أن يحاكم المالكي، ولا يستطيع بالتأكيد أن يحاسب خامنئي، هذا الإرهاب الذي يحصد أهل السنة في العراق وسوريا ولبنان لا تتحدث عنه قنوات أجنبية ولا تتطرق إليه حتى القنوات الإخبارية العربية ولا الخارجية الأمريكية.
هذا الإرهاب الصفوي الأمريكي الذي يعصف اليوم بالدول العربية وتضرب طائراته مناطق عراقية وسورية، هذا الإرهاب لم يرحم أطفال ونساء عرسال، هذا الإرهاب أصبح اليوم واقعاً مقبولاً وإن فاقت أعداده الملايين، فمقتل 61 من اللاجئين السوريين في عرسال إذاً لا شيء يذكر أمام قتل الملايين.
فرحم الله الأمة العربية من مبادئ الديمقراطية التي ترسيها أمريكا الصهيونية وإيران الصفوية، واللتين صفقتا لمذابح غزة ولم تتحرك منهما لا منظمة أممية ولا تحالفات دولية، فقط هذه المبادئ الديمقراطية تصبح فتاكة على بعض الدول حين تحبس شخصاً لبضع سنوات لارتكابه جرائم إرهابية، ومثال عليها ما يحدث بالبحرين عندما يخرج الرئيسان الأمريكي والإيراني بتصريحات وإدانات، وتجرى معها التحقيقات ويبعث إليها المحققون ويتم استدعائهم للمجالس الحقوقية، لأنها حبست شخصاً موالياً لإيران. هذه حقيقة التحالف ضد الإرهاب الذي لا يمكن قبوله ما لم تتم محاسبة المجرمين وأولهم النظام السوري الذي مازالت التحالفات الدولية تحميه، ومحاسبة النظام الإيراني لأنه كله بحكومته وفقهائه مجرمو حرب وسفاكو دماء، ومحاكمة المالكي وحكومته، فكلهم إرهابيون ذبحوا الأطفال والنساء وقتلاهم بالملايين. ما ذكرناه هو تذكير فقط بأن الإرهاب مازال يحصد الشعب السوري حتى في ملاجئه، في الوقت الذي تتحالف دول العالم لمحاربة الإرهاب.
هذا الإرهاب أخذ يجاهر بلسانه، وها هي قوات البشمركة الكردية والمليشيات الشيعية تكسر الحصار على بلدة «آمرلي» وتطرد مقاتلي داعش من 25 بلدة وقرية مجاورة، بعدها بدأ يتصاعد من هذه البلدات السنية الدخان حيث أضرمت الميليشيات الشيعية النار في منازلها، وقال أحد قادة كتائب حزب الله «لن يعود السنة إلى هنا وسنسوي بيوتهم بالأرض»، وقال نازح سني وهو من بلدة بالقرب من آمرلي «لا يمكننا العودة والميليشيات هناك سيذبحوننا فوراً»، قال هذا لأنه يعلم أن لا دولة تحميه ولا منظمة تدافع عنه ولا مجتمع دولي ولا اتحاد أوروبي يتابع قضيته.
هذا بعض من الحرب على الإرهاب التي دعمته أمريكا، به مكنت الفصائل الشيعية الكردية من تحقيق أهدافها الطائفية والقضاء على ما تبقى من أهل السنة في هذه المناطق، هذه الحقيقة المرة التي يغض التحالف الدولي ضد الإرهاب الطرف عنها.
الإرهاب يعني أن هناك إرهاباً ممنوعاً وآخر مسموح، ممنوع أن يصيب طرف ثوب صفوي أو إسرائيلي أو أمريكي، ومسموح له ذبح أطفال ونساء «عرسال»، وتسوي كتائب حزب الله بيوت أهل السنة بالأرض، هذا لا يعتبر أبداً بالنسبة للدولة التي تتزعم التحالف الدولي إرهاباً لأنه يحقق لها أهدافاً استراتيجية تمكنها من السير في مخطط الشرق الأوسط الجديد.