من مآسي الوضع المعيشي في البحرين أن الحد الأدنى للتقاعد هو 200 دينار، مضافة إليها «العلاوتين» ليصل إلى 300 دينار.
ليس هناك حتى الآن قانون يجبر رجل الأعمال إعطاء العامل البحريني راتباً محترماً يكون على الأقل فوق مستوى خط الفقر، وهذا الأمر الذي ترك فترة طويلة دون قرارات جريئة ومحاباة لرجال الأعمال على حساب المواطن، أحدث أمراً مؤسفاً في الوضع المعيشي فيما يختص بفئة المتقاعدين.
بعض المواطنين في القطاع الخاص يقضون من حياتهم 25 عاماً براتب لا يتجاوز 300 دينار، دون أي زيادة أو اكتراث من قبل صاحب العمل، وعندما يتقاعد يتقلص هذا الراتب ليصل إلى 200 دينار.. فيعيش هذا المواطن دون المستوى المعيشي المعتدل، ويتقاعد وهو كذلك، ثم يموت وهو كذلك، والسؤال؛ إلى متى سيستمر الوضع على ما هو عليه؟
الحد الأدنى للراتب التقاعدي لم يطرأ عليه أي تعديل منذ ثلاثة عقود طويلة، الزمن تغير، وكل شيء حولنا اختلف إلا وضع هؤلاء المنسيين، بالفعل إن هذه هي طامة بالنسبة للوضع المعيشي لدينا في البحرين.
هناك أكثر من 35 ألف مواطن من المتقاعدين، 90% منهم فوق سن الخمسين عاماً، بما يعني أن لديهم أولاداً وأحفاداً، 50% منهم رواتبهم التقاعدية من 200 إلى 400 دينار!.. أي بيت يستطيع هذا المتقاعد أن يفتحه؟!.
بل إن الإحصائيات تتحدث عن نفسها وتقول إن 90% من المتقاعدين رواتبهم لا تتجاوز 1000 دينار.
للتو صدر قانون يجعل الزيادة السنوية للمتقاعدين في القطاع الخاص التي تمثل 3% زيادة مركبة بعد أن كانت بسيطة، ولكن في الحقيقة إن الزيادة بهذه النسبة في الأساس لا تلبي الطموح، فكلها بضع سنوات ينهي بها المتقاعد حياته ولم يطرأ على راتبه زيادة ولا حتى 50 ديناراً... ألا يحتاج هذا الموضوع وقفة إنسانية تجاه هذه الفئة؟ بصراحة ودون دعاية أو ترويج وبعيداً عن أجواء الانتخابات.. أليس حقاً أن هذه الأرقام صادمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى؟.. وأليس الأجدى بنا أن نواجه المشكلة بدل أن ندس رؤوسنا في التراب ونتمسك بالأعذار التي دائماً تساق من أن الميزانية تواجه عجزاً، وأن أموال الهيئة سيصيبها وباء العجز الاكتواري بعد قرن من الزمن؟..
إن أول حل يجب أن يوضع للمتقاعدين هو الإسراع وبشكل عاجل بوضع حد أدنى للراتب التقاعدي لا ينقص عن 500 دينار، مع زيادة سنوية لا تقل عن 6% سنوياً، نعم من حق هذا المواطن الذي قضى حياته كادحاً أن يحصل على الحد الأدنى من الحياة الكريمة.
وفي النهاية نقول: الحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله لأن حالنا في البحرين أفضل بكثير من حال بلدان أخرى، ومطالبتنا بتعديل الوضع المعيشي ليست نابعة إلا من باب الممكن، لأن بلدنا فيها خير يجب أن يعود بالنفع على المواطن وخاصة هذه الفئة، والشكر الكبير لجلالة الملك الذي أرسى دعائم المشروع الإصلاحي ولولا هذا المشروع لما حصلنا على هذه الأرقام التي نتكلم عنها هنا.