رغم نفي الوفاق المتكرر والمستميت بشأن دخولها الانتخابات، إلا أن هذا النفي كثير من الناس وبعضهم من أتباع الوفاق نفسها يشككون فيه!
الأسباب كثيرة، لكن أصدقها ما يتسرب من داخل أروقة الوفاق نفسها، إذ إن كانت الجمعية الانقلابية الولائية لمرشد إيران بأنها وحدها «الشاطرة» في الوصول لمعلومات سرية داخل أجهزة الدولة فإنها جداً مخطئة، فمن يقفون منها موقف الضد على محاولتها اختطاف البحرين يعرفون تماماً أيضاً أين تكون «تسريبات» الوفاق، بل ومن هي بعض العناصر التي «تهذر» بسهولة وتكشف «المستخبي». وشخصياً بخصوص كاتب هذه السطور أشك بأن الوفاق لا تعرف بأننا نعرف تماماً ما يحصل داخلها، وهي كانت بالنسبة لي الضيفة الدائمة والمميزة في التصريحات منذ الفترة من 2002 إلى 2008 حينما كنت المراسل السياسي لصحيفة «الخليج» الإماراتية.
زبدة القول هنا؛ إن كانت الوفاق تظن بأنها تعرف من أين تؤكل الكتف، فنحن أيضاً يمكننا معرفة أي صف أسنان قضمت به الكتف.
عموماً، مع مرور ساعات هذا اليوم الأحد، خطة الوفاق «الأساسية» للمرحلة القادمة في مداها الزمني (أربعة أعوام قادمة) تمضي كحبات الرمل في ساعة رملية بدائية، مع كل دقيقة تمر ذرات أكثر تسقط حتى يقارب مخزون الجزء الأعلى على النفاذ مع دقة الساعة لتعلن التاسعة مساء بإغلاق باب الترشح للانتخابات النيابية والبلدية.
أقول الخطة «الأساسية»، لأن تخطيط الوفاق كان متركزاً على المشاركة واستعادة شيء مما فقدوه خلال محاولة الانقلاب وخلال لحظات الحماس وحلم «إسقاط الدولة» الذي جعلهم يقفزون إلى الدوار باعتبار أن «البرلمان» وقتها انتهى، وأن العملية كانت -حينها- بإسقاط النظام والإتيان بنظام آخر ومن ثم يخلق هذا النظام الذي تديره الوفاق برلمانه الخاص.
لكن هذه الخطة «الأساسية» كانت لها متطلبات، أهمها أن يتكرم النظام على الوفاق بمنحها أموراً يمكن أن تصورها الوفاق على أنها مكاسب، والهدف بأن تخمد غضب شارعها الذي شحنته حتى الانفجار، ووعدته بجنتها الموعودة القائمة على أنقاض نظام تعهدت بأن تسقطه. لكن هذه المساومة والابتزاز لم ينجح، وعليه لجأت الوفاق إلى الخطة «البديلة».
الخطة «البديلة» كما لاحظها المتابعون قائمة على إعلان المقاطعة وتحشيد الناس وإرسال رسائل تفيد بأن الوفاق ستعمل خلال أربعة أعوام قادمة خارج البرلمان، بما معناه أن اللعب سيكون في الشوارع، عناصر الوفاق ستخرج يمنة ويسرة للحديث والصراخ والسفرات «النضالية» طبعاً، بينما الشارع الذي سيشحن سيقوم بالفوضى والتخريب والاستمرار في الإرهاب، والذي مازال مستمراً وطال ليلة أمس الأول بلدية جدحفص التي أحرقت بالمولوتوف. والفكرة هنا، بأن النظام لو أراد إنهاء ذلك، فعليه أن يقبل بمساومات الوفاق وشروطها، لكن الخيبة بأن هذا لم يحصل أبداً.
الآن ومع صدور مواقف أجنبية صريحة وواضحة بشأن الانتخابات، ومطالبة الوفاق ومن معها بالمشاركة وإقران ذلك بجديتهم في إيجاد حلول على الأرض بما يهدئ الأمور ويدعم العملية الديمقراطية في البحرين، بان واضحاً بأن الوفاق «تترنح» من جراء هذه «النيران الصديقة»، حتى الأمريكان طالبوهم بالدخول، فما العمل الآن؟!
يقول لي وفاقي له وزنه، وابحث يا علي سلمان في صفوف أصحابك عمن «غسلوا أيديهم منك» لكنهم يتعاملون معك بـ «التقية» نفسها التي تتعامل بها مع «وسطائك» إلى النظام، يقول لي: ميتين نريد أن ينتهي كل هذا ونعود للبرلمان، لكن الدولة لا تريد أن تتنازل! أخطأنا بتقديم الاستقالة وقت الدوار، إذ كان سيكون مفيداً أكثر لنا بأن يصفنا الإعلام الغربي بـ «نائب برلماني» عوضاً عن «نائب مستقيل»، كان سيكون لحديثنا أثر أكبر وكانت أبواب أكثر ستفتح لنا، بصراحة لم نحسبها صح. وطبعاً نهاية الكلام «بيني وبينك»!
نعم يا علي سلمان نعرف ما يحصل داخل جمعيتك، واعتبرونا لو شئتم كاذبين فيما نقول ونمارس الفبركة كما تمارسها أنت، فليس من النجاعة الكشف عن أسماء مصادرنا داخل الوفاق ووعد والمنبر وحتى الإخاء، لكن هذا «قليل من كثير» من كذب صريح تمارسونه على شارعكم.
اليوم بحسب المصادر هذه، فإن الوفاق وأتباعها قد يندفعون تجاه مراكز الترشيح وتحديداً الثامنة مساء أي قبل ساعة من إغلاق باب الترشح للتسجيل، في عملية أشبه بالانتحار أمام غضب شارعهم وإنهاء لكذبة أنهم لن يشاركوا. في ظل وجود سيناريوهات أخرى قد تحسم اليوم في الفترة التي تعقب الغداء (لا تتغدون شيئاً دسماً يؤثر على التفكير) إما بزج صف ثان يمثل الوفاق، أو زج شخصيات مجندة تأخذ أوامرها من الوفاق مثلما فعلوا في الانتخابات التكميلية.
الوعد الثامنة الليلة، وبقدر ما نتصور الوضع الذي تكشفه المصادر من داخل أروقتكم، بقدر ما أتمنى شخصياً ومعي كثير من المخلصين لهذا الوطن بأن «تثبت» الوفاق -ولو لمرة- على موقفها وعلى وعودها لشارعها، فتبقى خارج البرلمان، تبقى في الشارع، لتعتاش على هتاف المراهقين الملثمين ورماة المولوتوف، مخيبة لدعوات المتعاطين معها في الغرب، خاسرة صفة «نواب» في البرلمان، لتعيش في عزلة لأربعة سنوات قادمة، أفعالها وتجاوزاتها تواجه بالقانون، والأهم، تاركة البرلمان يعمل وهو سليم من أية خلايا سرطانية انقلابية.
رجاء احرجونا واثبتوا على موقف المقاطعة! بلا عضو منكم يصيح ويروج لأكاذيب بمنح كل مترشح في دوائركم 100 ألف دينار، أو عضو آخر ينوح وهو يعدد ويحسب حظوظكم في الدوائر بعد تغيير وضعها ويصرح بأنها نزلت لـ 16 مقعداً. ألم تقولوا بأنكم مقاطعون؟! بالتالي «تحسبونها» لمن؟!