الذين تحدثنا عنهم في اليومين الماضيين هم نواب الاقتصاد، النواب المدركون للأوضاع الاقتصادية والتجارية والمالية في البلاد، والعارفون بمتطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والقادرون على مناقشة الميزانية العامة للدولة، وما يلحقها من عجز معروفة أسبابه وعلاجه، وعلى التوقف أمام الدين العام وتقديم نقد صريح وشفاف لأسباب تنامي هذا الدين والوسائل الكفيلة بتخفيضه تمهيداً لتصفيره.
وكما لاحظنا فإن هؤلاء النواب هم نواب الشعب الغيورون على مصلحته والمضحون بمصالحهم الخاصة في سبيل المصلحة العامة، وغير الخائفين من محاسبتهم سلبياً عند تصديهم لهدر المال العام ولمكافحة الفساد المالي والإداري، ولاتخاذ قرارات جريئة تصب في تحسين الوضع الاقتصادي للدولة، والوضع المعيشي للمواطن.
غير أن هؤلاء النواب مهما بلغوا من الكفاءة والخبرة وتحلوا به من الشفافية لن يستطيعوا اتخاذ ما يصب في تحقيق تلك الأهداف، إذا لم يتمكنوا من تفعيل أي قرار يتخذونه وإلزام السلطة التنفيذية بتنفيذه، وليس تقديم الاقتراحات والرغبات للسلطة التنفيذية وترك الأمر لها لتدارسها في مدة تصل إلى عامين، ثم إعادتها لمجلس النواب بالصيغة التي تراها السلطة التنفيذية.
مجلس يناقش الميزانية العامة للدولة في المدة التي يراها مناسبة ويدخل عليها التعديلات التي يريد، ويطالب السلطة التنفيذية بتوفير المعلومات التي يرغب وبالشفافية التي تقنعه دون أن تملك السلطة التنفيذية رفض تعديلات النواب، بل وتعيد النظر في الحسابات الختامية -على سبيل المثال - التي يرفضها النواب، وتوقف القروض التي لا يوافقون عليها لا أن تمرر هذا وذاك في عملية تجاهل لوجوده.
فنواب الاقتصاد هم أسماك لا يستطيعون أن يعيشوا إلا في بحر مجلس أو سلطة تشريعية تملك تفعيل قراراتها.