من هذا الاستعراض لواقع الأزمة الإسكانية في البلاد ومحاولات وزارة الإسكان لحلها يتضح أن الوزارة ضائعة أو بالأحرى موزعة بين طموحاتها لتوفير الوحدات السكنية اللازمة لتلبية 57 ألف طلب اليوم والزيادة السنوية المقدرة بحوالي 5 آلاف طلب، والتي ستصل بعدد الطلبات عام 2016 إلى 67 ألف طلب.
وبين عقبات أساسية تحول دون الإنجاز تتمثل في شح الأراضي وضعف التمويل وعدم كفاية وكفاءة الجهاز المنفذ بالوزارة لهذه المشروعات، وهي عقبات أشار إليها الوزير في أكثر من تصريح، وبدون تذليلها فإن الأزمة الإسكانية ستبقى في تفاقم، والطلبات الإسكانية ستزيد عاماً بعد عام ومعها فترة الانتظار التي بلغت 22 عاماً بالنسبة لحوالي 43% من الطلبات، ويطمح الوزير بجعلها 5 سنوات فقط بحلول عام 2016.
وبالتالي فإن على وزارة الإسكان أن تعيد النظر جذرياً في سياستها الإسكانية أولاً وتبعدها عن الأهواء والمصالح السياسية التي أجبرت الوزارة في السنوات السابقة إلى اللجوء إلى الحلول المناطقية إرضاء للنواب من ناحية ولسكان هذه المنطقة أو تلك، وهي الحلول التي أدت إلى تبديد الأموال الطائلة على استملاك الأراضي وعلى دفان البحر، وأقرب مثل هو دفان شرق سترة الذي كلف حوالي 90 مليون دينار (230 مليون دولار) هو مجموع حصة الإمارات السنوية في برنامج التنمية الخليجي، وقبلها دفان شرق الحد ودفان المدينة الشمالية وغيرها.
ومن ثم توفير مبالغ الاستملاك والدفان وضمها إلى المخصصات المالية الأخرى من ميزانية الوزارة (120 مليون دينار سنوياً) و 46% من برنامج التنمية الخليجي سنوياً (460 مليون دولار) أي 174 مليون دينار بالإضافة إلى استعدادات دول التعاون الثلاث لدعم المشروعات الإسكانية في البحرين، توظيف جميع هذه الإمكانيات في بناء مدن مناطق برية مفتوحة ومملوكة للدولة، على غرار مدينتي عيسى وحمد.
وكما ذكرنا من قبل فإن أمامنا اليوم تنفيذ مشروع المدينة الجنوبية التي من الممكن أن تستوعب 100 ألف وحدة سكنية، بالإضافة للإسراع بإنجاز المدينة الشمالية التي مع بعض التوسع ستستوعب 25 ألف وحدة سكنية.
لتتوقف الحكومة ووزارة الإسكان عن تبديد المال العام وتضييع جهودها ووقت المواطنين وتركزان على بناء هاتين المدينتين خلال فترة معينة، فهذا البناء هو الخطة الاستراتيجية العملية للإسكان.