لا أعرف التاريخ الذي كتبت فيه مقالاً أتوقع حصول محاصصة الوزراء بالحكومة بين الدولة وبين الجمعية الانقلابية، غير أني أذكر أني طرحت ذلك قبل الآن، واليوم اتضح أن بعض هذه التوقعات كانت صحيحة تماماً، فقد قال علي سلمان إن هناك تواصلاً بين الوفاق وبعض الأطراف وأن هذه الأطراف طرحت على الوفاق (عرض) لتسوية الأزمة بأن تعطى الوفاق حقائب وزارية على مبدأ (6/6/6) وكنت أظن حين قرأت الرقم وطريقة كتابته أن هذه خطة المدرب مورينيو لمواجهة مانشستر يونايتد، إلا أن الرقم كبير، وأكبر من عدد لاعبي الفريق الواحد.
ثم اتضح من خلال كلام المدعو علي سلمان أن هذه (الستات.. والله البلد ماشية بالستات) هي إحدى العروض التي قدمت للوفاق، وهي تقوم على ستة وزراء سنة، ستة وزراء شيعة، ستة وزراء من العائلة المالكة.
غير أن السؤال هنا؛ لماذا أخرج علي سلمان هذه المعلومات الآن؟
العرض حسب علمي قديم وليس جديداً، وخرج في ذلك التوقيت الذي كتب فيه عن هذا العرض سابقاً وليس الأسبوع الماضي، فلماذا أراد علي سلمان إخراج هذه المعلومات الآن؟
هل يريد إحراج الدولة ويظهر أن الدولة هي التي تلاحق الوفاق بالعروض من أجل الخروج من الأزمة، بينما الوفاق هي التي ترفض وتطالب بحكومة منتخبة؟
هل يريد علي سلمان استمالة الشارع الذي فقدته الوفاق بتخبطاتها منذ 2011 وقت أول مبادرة لحل الأزمة والتي رفضتها الوفاق من بعد توجيه الولي الفقيه برفضها، فهي في حرج شديد اليوم، وهي تعاني من غضب أهل القرى عليها، فقد ضيعت الفرص، واليوم ترضى بالفتات بحسب ما يقوله أهل القرى.
يبدو أن علي سلمان يريد أن يكسب من أخذوا يرمون أعضاء الوفاق بمسيلات الدموع المصنعة بالقرى، غير أنه يبدو أيضاً بعيد المنال عن ذلك، خاصة وأن الوفاق اليوم تعاني انشقاقاً كبيراً بين من هم مع المشاركة في الانتخابات وعدم تفويت فرص أخرى، وبين من يركب رأسه متعنتاً يريد الضغط على الدولة للحصول على دوائر انتخابية طائفية على مقاس الوفاق، ويريد وزارات بعينها تحت إمرته حتى وإن تم الاستيلاء على الوزارات من الداخل، إنما اليوم يريدون أعلى رأس بالوزارة، والتربية والتعليم هدفهم، والبلديات، والصناعة والتجارة، ووزارة الصحة، والإسكان، وأن تبقى وزارة العمل تحت إمرتهم ولكن بوجه من عندهم.
يرى كثير من المتابعين للوضع المحلي أن إقدام الدولة على إعطاء الوفاق 6 وزارات إنما هو كارثة على مستقبل البحرين، وعلى من يريد أن يكرر شلل الدولة من الداخل وأن يقوم بعصيان مدني أكبر من السابق، خاصة حين يكون ذلك من خلال وزراء بالحكومة ومن خلال مجلس نواب بعد تعديل الدوائر على مقاس الوفاق وأيضاً جعل كل الوزارات تشابه التشكيل الوظيفي لوزارة العمل، من بعد ما أتم خرابها ذلك الوزير الطائفي.
كل المؤشرات الإقليمية والدولية ووضع أمريكا وكل ما يجري اليوم من تطورات تجعلنا نقول إن تقديم عروض للوفاق لتمكينها من 6 وزارات إنما هو أكبر كارثة على مستقبل البحرين، وكأن الدولة لا تتعلم من الدروس، أو كأنها تريد أن يصل الماء أعلى من الفم بشكل تدريجي حتى يحدث الاختناق التدريجي.
الوفاق إن ارتكبت حماقة عدم المشاركة بالانتخابات فهذا شأنها، وهي التي ستدفع الثمن لمدة 4 سنوات قادمة، فلماذا تقدم لهم عروض، ولماذا يتم التواصل معهم على خلفية تقديم تنازلات وطنية لطرف كان يريد الانقلاب على الدولة؟
بالمقابل يبقى هناك طرف آخر غائب عن المشهد، وهو يشبه الشخص الذي دخل إلى صالة السيرك ليرى المشهد من عند المتفرجين، فقط يدفع تذكرة ويجلس.
أحسب أن تجمع الوحدة الوطنية والأصالة والمنبر وبقية الجمعيات هي وكأنها ذلك الرجل، تجلس ترى المشهد، ومن ثم يقال لهم تعالوا ابصموا على الطبخة..!
حين تشن الصحيفة الصفراء هجوماً على تجمع الوحدة (ونحن أننا نعلم حالة التشفي والغضب على التجمع) إلا أن جزءاً من ذلك الكلام صحيح، وهو أن التجمع وبقية الجمعيات مجرد (بصامين) على الطبخات، ليس له رأي، ولا يستطيع أن يفرض شيئاً، ولا يستطيع أن يرفض شيئاً.!
وهذه هي كارثة أخرى من كوارثنا في البحرين، إن كان لدى الدولة مشروع ما للتسويات، فأين دوركم يا جمعيات، أين موقفكم، هل نتم متفرجون كما يتفرج جمهور السيرك..؟
يبدو أن مواقف هذه الجمعيات هي سبب آخر لإجحام الناس عن المشاركة في الانتخابات، فالناس ترى أن هذه الجمعيات لا دور حقيقياً لها، وهي مجرد إكسسوار شكلي لحفلة العرس..!
** رذاذ
مر خبر نشر في الصحافة البحرينية وكان الخبر ليس عادياً وهو منقول من الجهات القانونية يقول الخبر: «تم القبض على أربعة أشخاص من الجنسيات الآسيوية يقومون بإمداد الإرهابيين بشرائح الهواتف النقالة وبيعها عليهم من أجل استخدامها في التفجيرات عن بعد عن طريق الهاتف النقال».
ليس هذا وحسب أن لدى هذه الشبكة سجلات تجارية تقوم من خلالها وبالاتفاق مع شركات الاتصالات ببيع الشرائح التي من غير أسماء إلى الارهابيين، وبعد القبض على الشبكة اتضح أن لديهم ما يقارب الـ 1000 شريحة هاتف نقال يمكن بيعها. السؤال هنا؛ كم شبكة مماثلة موجودة حتى الآن وتمد الإرهابيين بشرائح الهواتف؟
أين هيئة الاتصالات ووزارة الاتصالات عن هذا الموضوع؟
لماذا لاتحال شركات الاتصالات إلى النيابة العامة كونها شريكاً في ترويج شرائح من غير أسماء؟
كيف ينتهي الإرهاب والكل يتفرج ولا يمارس دوره؟
هذه الشرائح تستخدم في أخطر أنواع التفجيرات الإرهابية بينما الجميع يتفرج!