أكثر من حدث شهدته الساحة الاقتصادية المحلية يدل على أن شركة نفط البحرين «بابكو» تسير إلى الوراء وتتجه نحو الاضمحلال، وهي مرحلة ليست بجديدة بالطبع فقد بدأت منذ أوائل القرن الحالي، لكنها طوال هذه السنوات الماضية سارت عملية التراجع البابكوية ببطء، لكنها في هذه الفترة زادت وتيرة تراجعها، وبدأنا نشعر أننا نفقد بابكو صاحبة الدور الأكبر والريادي في النهضة التنموية في البحرين.
أول حدث يعلمنا عن أحوال بابكو ذلك المتعلق بإنتاج النفط من حقل البحرين، والذي أخذ في الارتفاع ثم عاد إلى الانخفاض بسبب عمر الحقل وعدم وجود اكتشافات لآبار جديدة، وتراوح الإنتاج من حقل البحرين بين 35 ألفاً إلى 40 ألف برميل يومياً، وبذل المختصون والخبراء من البحرينيين في الشركة جهوداً متواصلة للمحافظة على مستوى الإنتاج وعدم انخفاضه إلى ما دون 38 ألف برميل.
في هذه الأثناء وفي عام 2009 بالتحديد طرأت فكرة تطوير الحقل وزيادة إنتاجه من النفط والغاز وعلى مدى طويل على أن يشمل التطوير إنتاج الحقل من النفط العادي أو الخفيف ومن النفط الثقيل الذي يوجد بكميات كبيرة منذ الأزل دون توفر الإمكانيات الفنية والتكنولوجية لإنتاجه.
من أجل تحقيق هذا الهدف جرى الاتفاق مع شركتي أوكسيدنتال الأمريكية ومبادلة الإماراتية، وتم تأسيس شركة تطوير من هاتين الشركتين بالإضافة إلى الشركة القابضة للنفط والغاز الممثلة لحكومة البحرين، وبدأت الشركة العمل على أمل أن تصل بإنتاج الحقل خلال 2014 إلى حوالي 70 ألف برميل ومن ثم يتدرج في الارتفاع إلى أن يصل إلى 100 ألف برميل ومن ثم يقف أو يحافظ على هذا المستوى حتى عام 2025.
هدف جيد رغم تكلفته الباهظة، ورغم التشكيك في استمرارية أوكسيندتال ومبادلة أمام تكلفة الإنتاج وعوائدهما المتوقعة خلال الفترة الزمنية المحددة، وكذلك الحال بالنسبة للبحرين التي سلمت الحقل بالكامل للشركتين بما فيه إنتاج الحقل من النفط والغاز الذي تقوم به بابكو على مدى 80 عاماً الأمر الذي فسر وقتها على أن الاتفاق سياسي من أجل تحقيق هدف اقتصادي؟
تأسيس (تطوير) وتحويل 300 مهندس وفني من بابكو إلى الشركة الجديدة، وفشل تطوير في تحقيق هدفها حتى الآن، والحديث المتزايد عن أن أوكسيدنتال في طريقها إلى الانسحاب من المشروع كل ذلك يلقي ظلالاً قاتمة على مستقبل حقل البحرين ومن ثم مستقبل بابكو.