في الدول المتقدمة والمتحضرة، المرضى من كبار السن والأطفال يحصلون على رعاية خاصة للمساهمة في تجاوز الحالة وتحسين نفسيات هؤلاء المرضى بالمعاملة الحسنة والاهتمام دون حاجتهم لـ«الواسطة»، فضلاً عن تحمل نفسيات المرضى وعائلاتهم من أية سلبيات على اعتبار أنهم يمرون في مرحلة صعبة، وبالتالي من واجب المستشفى والعاملين فيها مساندتهم لتجاوز المحنة.
لكن ما يحصل في بعض مراكزنا الصحية والمستشفيات الحكومية والخاصة أمر عكسي، لا يصب في مصلحة القطاع الصحي، وأعني هنا أرقام التذاكر الخاصة بتطعيم الأطفال أو صرف أدوية العلاج، تلك الأرقام الحمراء التي تظهر على شاشة صغيرة والتي تشابه أرقام الورقة البيضاء في يد المريض والتي تأذن له بالتقدم لشباك صرف الأدوية أو لأخذ التطعيم لأحد أبنائه.
وهذه هي المشكلة؛ حيث أصبحت تلك الأرقام عذراً في تعطيل معاملة المواطن، ليختفي الطابور القديم ويظهر لنا طابور جديد سببه إلكتروني هذه المرة، وعندما يتقدم المواطن باحتجاجه لتأخر سير تلك الأرقام فإن العذر جاهز من الموظف أو المسؤول وهو أنه لا يوجد عدد كافٍ من الموظفين «ممرضات – إداريين» في المركز الصحي، والضحية بكل تأكيد هو المواطن الذي يضطر إلى الانتظار وأحياناً بالساعات ليحصل على الخدمة، بالتأكيد سينتظر فهو صاحب الحاجة.
ربما سيقول البعض وماذا في ذلك؟ فكل الأماكن الخدمية تعاني من نقص موظفين، حسناً.. ذلك معقول؛ ولن أتحدث عن مساوئ وسلبيات ذلك، ولكن أن يصل السوء إلى وجود موظفين لا مكاتب لهم؟! فهذه مأساة حقيقية تصل إلى حد «الكارثة»، السؤال المهم؛ هل ميزانية وزارة الصحة لا تستوعب شراء مكاتب للموظفين؟.
عودة على نقص الموظفين؛ فنحن ندرك الميزانية ومشاكلها، ولكن وزارة الصحة والمراكز الصحية جهات خدمية تقدم خدمات للمواطنين الذين من حقهم الحصول على خدمات متميزة، خاصة ونحن نعيش برامج تنفذها الحكومة مثل التميز والجودة ووجود جهات رقابية مثل ديوان الرقابة المالية والإدارية، لذلك ينبغي أن تتواكــب إنتاجية هذه الوزارة مع تطلعات المملـكـــة والحكومة الرشيدة، لذلك فإن عامل توظيف المزيد من أبناء الوطن في هذه القطاعات الخدمية أمر في غاية الأهمية، خاصة في ظل وجود خريجين عاطلين عن العمل من ذوي تخصصات القطاع الصحي، والذين بلاشك هم قادرون على حل أزمة النقص في المراكز، وبالتالي عدم ضياع وقت المواطن وتقديم العمل بجودة أفضل.
في حين أن بعض المستشفيات الخاصة «المكلفة» التي يلجأ إليها كثير من الجمهور من أجل الحصول على خدمات متميزة، فحال بعضها يتقارب مع مستوى المستشفيات الحكومية، ومستوى التعامل فيها ليس بالشكل المطلوب، يعني بالعامية «وين ما تطقها عويه»، حتى وصل حال بعضها أن تجري عمليات للناس من أجل «المادة فقط» وليس لحاجة الحالة الصحية من عدمها، وعلى وزارة الصحة أن تراقب المستشفيات الخاصة، وعلى إدارة تلك المستشفيات التي تتحصل على مبالغ ضخمة تأهيل الممرضين والموظفيــن للتعامــل مــع المرضــى والزوار بمستويات راقية تتناســب مـــع تلك المبالــغ المدفوعة.