بداية أهنئ الأخوة والأخوات المواطنين بعيد الأضحى المبارك، وأهنئ البحرين وهي تستعد للاحتفال بمرور 12 عاماً على الحياة البرلمانية، وأنقل للقارئ الكريم ما يدور في أغلب المجالس من تساؤلات كثيرة بعد أن ترددت إحدى الجمعيات السياسية في المشاركة بالانتخابات البرلمانية، لا لشيء وإنما هي في شد وجذب مع السفارة الإيرانية وبعض السفارات الأجنبية؛ هل تشارك في الانتخابات البرلمانية أم لا؟ أم أن الامتناع عن المشاركة يتفق مع السياسة الإيرانية في الانتخابات القادمة؟
كذلك نجد أغلب الأسئلة المطروحة من قبل المواطنين الكرام تفيد الاستفهام والتعجب؟! ومنها على سبيل المثال؛ هل دخول الجمعية المعنية مهماً إلى هذه الدرجة من أجل نجاح المسيرة البرلمانية؟ وهل هذه الجمعية هي الوحيدة من بين الجمعيات السياسية التي تعبر عن رأي المعارضة؟ أليس النائب بصفة عامة في النظم البرلمانية يعد معارضاً من حيث الاتفاق أو عدم الاتفاق مع السلطة التنفيذية في السياسة العامة على كافة الأصعدة؟ أليس هؤلاء النواب الذين لديهم حرية توجيه الأسئلة إلى الجهة التنفيذية؟ أليس هؤلاء النواب يُعدون مستقلين في طرح الأسئلة وطلب الاستجواب وحجب الثقة إذا لزم الأمر ذلك؟!
إن مثل هذه الأسئلة وغيرها أجاب عليها الدستور بكل ثقة ومصداقية، وأعطى الجميع مثل هذه الحقوق البرلمانية، للنائب بصفة عامة في البحرين.
ومن هنا؛ هل عدم مشاركة هذه الجمعية لا تكتمل المعارضة إلا بها؟! متى ما علمنا أن هذه الجمعية مرتبطة ارتباطاً كلياً بسياسة الولي الفقيه وتقبل بالتدخل في شؤونها من قبل الغرب، وبالتالي بعد كل هذه التساؤلات نستنتج إجابة دقيقة يعرفها القارئ الكريم؛ إن هذه الجمعية لا تستحق كل هذه الأهمية، لأن الانتخابات البرلمانية تشهد إقبالاً منقطع النظير من قبل الجميع، وأن عدم مشاركتها لا تعد عقبة في الانتخابات طالما أن النائب في البرلمان بصفة عامة يعد معارضاً، فلماذا نعطي كل هذه الأهمية لعدم مشاركة هذه الجمعية، متى ما علمنا أن الكثير من الشرفاء الذين هم من خارج الجمعية يتعرضون للاعتداء والأذى، إذا علمت الجمعية أن من بينها أو من ينتمي إليها شارك مع إخوانه المواطنين هذه المسؤولية الوطنية من أجل المصلحة العامة، والتي تعود على الجميع بالخير، سواء كان ذلك من داخل الجمعية أو من خارجها.
وبعد هذا وذاك لا بد لنا أن نعيد للأذهان مفهوم المعارضة، وعلينا هنا أن نوضح معنى المعارضة، أو مفهوم المعارضة لغةً واصطلاحاً.
المعارضة لغة واصطلاحاً في المفهوم السياسي المبسط، والذي يعني المصارحة والمناصحة، وبعد ذلك نفهم من هو المعارض، هل هو الذي يعرض أفكاره وآراءه أمام الطرف الآخر ليصلان معاً إلى الهدف المنشود، الذي يصب في مصلحة الوطن والمواطن؟ أم أن المعارضة تعني المخالفة لكل رأي ولكل فكرة يطرحها الطرف الآخر؟ أم أنها التبعية لإرادة الغير المغلفة برأي الولي الفقيه؟ فهذه ليست معارضة؛ لأن المعارضة تهدف للصالح العام، وهي مصلحة الوطن والمواطن بعيداً عن المصلحة الخاصة، كما يريدها الولي الفقيه من أجل الوصول للسلطة وهيمنة الحكومة الدينية، التي هي أشبه بسلطة الكنيسة في العصور الوسطى كما هو الحال في إيران وحزب إبليس في لبنان، حتى أصبح جند الشام وداعش والنصرة، فضلاً عن القاعدة، من أكبر المناصرين لهم على أرض العراق والشام، وهذه الجماعات من تفريخ الصناعة الأمريكية التي أوجدتها بين المسلمين لضرب المسلم بالمسلم واحتضان إيران لهم بالمال والرجال والعتاد.
أما المدلول الاصطلاحي للمعارضة فهي تعني الموقف السياسي الذي ينبثق عن فكر يعبر عن إرادة الجماعة، فيما تعتقد سياسياً وليس دينياً، فهناك فرق بين الموقف السياسي والموقف الأيديولوجي الذي ينطلق من فكر متشدد ورأي متزمت يأخذ أسلوب العنف والقوة عند تطبيقه، وهذا خارج عن المعنى اللغوي والمدلول الاصطلاحي اللذين تعرفهما الدول الديمقراطية، ومن هنا لا تجد أي معنى لهذا الأسلوب إلا أسلوب الإرهاب المعنوي والمادي، ولقد حدث بالأمس اعتداء سافر على أحد المترشحين المستقلين من الطائفة الكريمة التي نبذت المقاطعة، وتعرضت سيارته للاعتداء من قبل المتشددين الرافضين لكل تصرف حر مستقل.
إن المعارضة في مفهومها العام لغةً واصطلاحاً أن تعرض وجهة نظرك بكل شفافية وأمانة للوصول مع الجهة المقابلة -أي السلطة- نحو الأفضل لما فيه مصلحة الوطن والمواطن، وهذا أبسط تعريف سياسي للمعارضة إلى جانب ما يعرفه القارئ الكريم عن المعارضة، ومفهوم المعارضة ولماذا المعارضة؟ ولأجل من المعارضة؟
أما المعارضة لدى الوفاق فلها صبغة دينية ذات طابع سياسي مستورد من أجندة الولي الفقيه، والسؤال هل يرضى من يعتنق هذا الرأي وهم من أبناء هذا الوطن أن يتجردوا من حرية الرأي وسلامة الإرادة حتى ينجرفوا وراء هذه الآراء؟ أعتقد جازماً أنهم لا يرضون لأنفسهم ذلك، لأن مصلحة الوطن مقدسة عند الجميع وفوق كل مصلحة خاصة أو طائفية، أما الفئة المغرر بها وهي من صغار الشباب الذين انجرفوا وراء الإرهاب والاعتداء على سلامة الغير، هم للأسف مأجورون من قبل المعنيين في الجمعية.
ومن هنا فإن القانون في مثل هذه الحالة واضح وصريح، أقره مجلس النواب عندما حاسب الآباء على ترك أبنائهم عرضة للسفهاء يشجعونهم على التخريب والحرق والاعتداء على سلامة الغير من أجل دنانير معدودة وجنة موعودة وعمل يثاب عليه فاعله، مقابل هذا العمل الإرهابي الذي ألحق الضرر بمصلحة الجميع، وضاع معه مستقبل الأبناء، بينما أبناء الآخرين في أمن وأمان، فلماذا لا يشاركون أبناءهم الآخرين في الشوارع مع غيرهم ويعثون في الأرض فساداً؟ بينما نجد دعاة الجمعية والولي الفقيه يتحدثون عن الانقلابيين ويطالبون المنظمات الدولية بإطلاق سراحهم، ويتناسون أن هؤلاء هم رؤوس الفتنة ودعاة الضلالة، بينما أبناء الآخرين لا يعنيهم أمرهم ولا يكتوون بآلامهم، ولنأخذ من منطلق الحياة النيابية مثلاً حياً تعاني منه المرأة من الفئة الكريمة، إنه قانون أحكام الأسرة.
نجد المعارضة المتزمتة، التي تقودها الوفاق والولي الفقيه، حسب أوامر دعاتها يقف أتباعهم في المجلس النيابي ليرفضون قانون أحكام الأسرة، لا لشيء إلا لأن هذه الحقوق التي تتفق مع روح القانون المستمد من الشريعة الإسلامية لا يتفق في نظرهم مع القانون المطبق على أحكام الأسرة في إيران. والسؤال؛ لماذا لا تقف الدول الأوروبية والأمريكية مع حقوق أحكام الأسرة عند الطرف الآخر وهم الذين يحترمون حقوق المرأة عندهم ويعتبرونها مساوية للرجل في كل الأحول؟ أين موقف الدول الأوروبية والأمريكية التي تكيل بمكيالين وتنظر بعين واحدة إلى حقوق المرأة التي سلب الولي الفقيه منها كل حقوقها التي شرعها المولى عز وجل، وجاء القانون لينظم أحول المرأة ويحفظ حقوقها وكرامتها، ويحترم إرادتها؟ هذا مثال بسيط والأمر أكبر من ذلك، وقد صدق الشاعر عندما قال:
الأمر أعظم والأفكار حائرة
والشرع يصدق والإنسان يمتثلٌ
والسؤال؛ من أعطى الوفاق حق المعارضة حيث استغلت هذا المسمى للتجارة به في الخارج، وهي تعلم أن المعارضة في البرلمانات الأوروبية والأمريكية مسموعة لديهم، لذلك نجد أن الوفاق تعمل في الخارج أكثر من الداخل، والهدف تشويه سمعة البحرين وتتنكر للمشروع الإصلاحي الذي صوت عليه جميع شعب البحرين بنسبة %98.4، في حين أن الوفود البرلمانية من النواب عندما سافرت إلى الخارج يفاجئون المنظمات الأوروبية والأمريكية بتوضيح هذه المغالطات، وينقلون الصورة المشرفة للبحرين على كافة الأصعدة، وينقلون صورة المرأة من الطائفة الكريمة، حيث يفاجئون بأنه ليس هناك امرأة من الوفاق داخل البرلمان، فحتى هذا الحق الذي أعطاها الدستور مظلومةً فيه.
ومن هنا نعلم أن الوفاق ودعاة الولي الفقيه لا يمثلان إلا إرادتهما المسلوبة ليفرضانها على الآخرين بأسلوب تعسفي إرهابي، يهضم حقوق المرأة جملة وتفصيلاً، فضلاً عن عدم حقها في الترشح. والسؤال؛ هل المعارضة الصوت المرتفع الذي يتخذ من فضائيات الغرب وقنوات إيران منبراً يشوه سمعة البحرين ويتنكر للمشروع الإصلاحي الذي يقوده الملك المفدى؟ هذا المشروع الذي أوصل الموطن البحريني إلى كل ما يتطلع إليه من حرية في التعبير وإرادة في الاختيار، والوصول بالمواطن البحريني، رغم محدودية إمكانية البحرين، إلى ما يصبو إليه من الناحية السياسية في الحياة البرلمانية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية والثقافية، فضلاً عن تطبيق الشريعة في الأحوال الشخصية والمدنية، فأي معارضة يتحدثون عنها؟
هذه أبسط صور التعريف بمفهوم المعارضة، فيما أشرنا إلية سلفاً فإن المعارضة لدى الوفاقيين ودعاة الولي الفقيه معارضة إيرانية تفرز المخالفة في القول والعمل، ويطلق عليها المشاكسة والمخالفة التي تنبثق من مفهوم واحد له مدلول سياسي واصطلاحي عندهما هو الإرهاب والتخويف والتخوين لكل من لديه عقل رشيد، والعزف على وتر المظلومية لتأجيج الشارع.
من هنا هنيئاً للأخوة والأخوات هذا العرس الجماعي الذي تحتفل به البحرين كل أربع سنوات عند اختيار النائب المرشح الذي يمثل رأيه ويعبر عن آماله وتطلعاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والصحية والثقافية وغيرها، ويختار الأفضل الذي يقدم مصلحة المواطن والوطن على مصلحته الخاصة، ويتذكر جيداً أنه جاء بإرادة شعبية ليخدم الجميع بكل أمانة وإخلاص.
وختاماً وفق الله الجميع لما فيه خير الوطن والمواطن وكفانا الله تعالى شر المعارضة المقيتة.