الرأي العام البحريني مشغول هذه الأيام بتقديم التحليلات والاستنتاجات عن موقف الوفاق وأذنابها من جمعيات تتبعها كما يتبع الطفل أمه من الانتخابات، فهناك من يرى أن قيام بعض أعضاء الوفاق رفض قرار المقاطعة لا تعدو كونها مسرحية وفاقية تم تبادل الأدوار فيها وتقاسمها.
كثير من شرائح الرأي العام البحريني تدرك أن الوفاق في حراكها الدائم تمارس نظرية الإسقاط السياسي، بمعنى أنها تسقط كل تصرفاتها وخططها السياسية على الدولة أمام شارعها وتتبرأ منها، بمعنى تدعم عمليات التفجير والقتل للأبرياء ثم تدعي أن كل ذلك مسرحية من الحكومة وأن ما وقع من إجرام تفتعله الحكومة فتروح في مسرحية وفاقية تدعي المظلومية والاضطهاد، لذا ليس مستغرباً أيضاً أن يشكك البعض ويرى أن الوفاق تستخدم اليوم بالضبط الكلمة التي دائماً ما ترددها «مسرحية» وتمارسها كمنهج وأسلوب في تعاطيها مع الانتخابات.
سواء صدقت أو خابت تحليلات البعض بشأن موقف بعض أعضاء الوفاق من المشاركة بالانتخابات، وأن كل ذلك يدرج ضمن مسرحية وفاقية جديدة تتقاسم فيها الأدوار بين طرفين؛ طرف متمسك بالمقاطعة وطرف يزعم الاختلاف مع الوفاق والخروج عنها والرغبة في المشاركة؛ إلا أن ما لا يمكن تجاهله أن الوفاق بموقفها المتناقض قد كشفت عن وجهها القبيح الذي أسقط أقنعة الحرية والديمقراطية التي تزعم تبنيها من خلال تهديدها بفصل أي عضو يحيد عن قرار المقاطعة ويشارك بالانتخابات من جهة، ومن جهة أخرى أعمال التخريب والحرق «بالباطن» التي وقعت خلال الأسبوع الماضي من قبل عفاريت الوفاق.
نحن ندرك مسبقاً أن الوفاق سترفع يدها عن ما تم من أعمال تخريبية واعتداءات على المرشحين، وستلمح في مسرحيتها بأن ما تم لا يتجاوز عن كونه تصرفات فردية غير مسؤولة هي عنها، بالمنطق من الذي أشعل المنازل والمحلات التجارية وسيارات المرشحين؟ و«شمعنى» ما احترقت إلا منازل وسيارات المرشحين في مناطق القرى والمدن التي تخضع لخلاياها الإرهابية؟ حتى الطفل لن يصدق أن هذه مصادفة.
يبدو أن السياسة الجديدة لمن سيتعاطى مع الانتخابات سواء بالمشاركة أو الترشيح ستكون على شاكلة توجيهات «احرقووه» سواء طال الحريق محلات المرشح التجارية أو ممتلكاته الشخصية أو منزله، ألا يفكر هؤلاء أن عائلات المرشحين لا ذنب لهم من موقفهم السياسي؟ ماذا لو احترق أطفال وزوجة هذا المرشح داخل المنزل ولم يتمكن رجال الأمن من إخراجهم أو الوصول إليهم في الوقت المناسب لا سمح الله؟ لذا لم يكن مستغرباً أن يخاف الوفاقي «أبو نبيل» وهو يذكر السبب الرئيس لانسحابه بأنه يخاف على عائلته، فهذه هي حقيقة، هؤلاء الإرهابيون الذين لا يسمعون ولا يرون إلا أنفسهم ويمارسون القمع مع أي طرف يخالفهم.
السؤال الذي يفرض نفسه اليوم؛ من الديكتاتور الآن في هذا المشهد السياسي الجديد الذي طرأ على الساحة الانتخابية البحرينية مؤخراً؟ ماذا يعني توقيت بروز ظاهرة انتشار حرق الممتلكات الشخصية للمرشحين وتهديدهم بعد الإعلان الرسمي لمقاطعة الوفاق للانتخابات؟ من هم خفافيش الليل الذين يدسون تحت أبواب منازل الأهالي في القرى والمناطق بيانات وتوجيهات بشأن التصويت أو المقاطعة، وكأنهم أصبحوا يحكمونهم قسراً وظلماً وإجباراً؟ من طلب من الأهالي في انتخابات 2006 الدخول إلى صناديق الاقتراع والتصويت لمرشحيهم وبعد وضع علامة التصويت على المرشح تصوير الورقة عن طريق الهاتف وإرسالها لهم للتأكد من أنهم فعلاً صوتوا لقائمتهم الإيمانية، واليوم يطلب منهم المقاطعة، بل ويصدر بيانات بأسماء أهالي المناطق والقرى ويتحدث باسمهم دون الرجوع إليهم؟
إن الظلم الممارس لأهالي البحرين، خاصة الشارع الشيعي، الذي بات لا حول ولا قوة له يستلزم وقفة جادة من قبل اللجنة العليا للانتخابات ووزارة العدل والداخلية لإيقاف مهزلة هذه الجماعات الإرهابية التي تمادت في غرورها ووقاحتها السياسية لتجبر الشارع على ممارسة إملاءاتها التي تأتي من مصالحها الشخصية، وتفرض عليهم في حال المخالفة إرهاباً علنياً، ويمارس عليهم ويبتز سلامة عائلاتهم ومصالحهم، وبالمقابل كذلك هناك مسؤولية تفرض نفسها على أهالي هذه القرى والمدن بإنهاء عهد السكوت والخروج عن عهد الخوف والانقلاب على من يودون أن يجعلوهم عبيداً لأجندتهم السياسية والتكلم ورفض هذه الإملاءات بالتقدم لدى الجهات الأمنية بالشكاوى الرسمية.
الرأي العام البحريني يدرك أيضاً أن الوفاق من المستحيل أن تترك ساحة الانتخابات والبرلمان «غنيمة خالية»، وأن هناك صفاً ثانياً وثالثاً موجوداً لديها من المرشحين قد «دسته من بعيد»، وهذا يظهر واضحاً عند تدقيق بعض أسماء المرشحين والمرشحات الذين كانوا خلال أيام الأزمة متواجدين في الدوار ويحملون الشعارات التسقيطية للوطن ويكتبون التصريحات والبيانات، في حين يدعون اليوم الولاء والوطنية كمرشحين، إحدى وجوه المرشحات أضحكتنا فعلاً وهي تدعي استقلاليتها في حين من كان يتابعها خلال أيام الأزمة كان يتفاجأ من وقاحتها وتماديها في العبارات التي تستخدمها ضد الدولة وتكتبها على أدوات التواصل الاجتماعي محاولة استفزازنا، لذا ندعو من هذا المنبر الأهالي لأخذ الحيطة والحذر والانتباه جيداً ومراجعة السجل السياسي وخلفيات الانتماءات غير المكشوفة لكل مرشح، وعدم تصديق الشعارات الرنانة التي تخفي من ورائها أجندة سياسية وفاقية الهوى حتى لا يتكرر سيناريو الانتخابات التكميلية في إيصال بعض المرشحين الذين هم من تيار الوفاق وأذنابها، أما للوفاق فنقول لها لو كانت لديك كرامة سياسية حقاً لحفظتِ ماء وجهك والتزمتِ بقرار المقاطعة دون فرض وجوه وفاقية الهوى بالباطن في المناطق.