مؤلم أن نرى عيد الأضحى المبارك، عيد المسلمين الكبير، والذي يدخل ضمن مناسباتنا الدينية التي أمر فيها الإسلام بإشاعة الفرح والسرور والبهجة بين المسلمين، يأتي لنا وهناك من يحاول خلاله إشاعة الهلع والخراب والترويع في نفوس الآمنين، ومؤلم أكثر أن يهل علينا وفي عشيته نجد الأطفال والمراهقين المغرر بهم بدل أن يمسكوا بالحية بيه، كما كان يفعل آباؤهم وأجدادهم سابقاً ليرموها بالبحر مرددين الأغاني الشعبية الجميلة مقدمين تمنياتهم ودعواتهم بكل براءة الطفولة والمراهقة، نجدهم اليوم في البحرين يمسكون بحية بيه نارية من إطارات مشتعلة ومولوتوف وقنابل ويرمونها على المارة ويسدون بها الشوارع ويهاجمون بها رجال الأمن.
خطة عمليات الإرهاب التي تبنتها خلايا الأشتر الإرهابية هذا العام مختلفة نوعاً ما وتشهد تطوراً نوعياً من حيث الأماكن المستهدفة لتنفيذ إجرامهم، فهم لم يتجهوا إلى المناطق الحيوية في فترة الأعياد للتفجير كما يفعلوا عادة، ولم يتجهوا لاستهداف رجال الأمن لإيقاع أحدهم شهيداً أو دفع أحد الأطفال أو الشباب المغرر بهم لمهاجمتهم عله يكون في سقوطه ومقتله «مسمار جحا « أمام وسائل الإعلام الخارجية لاندلاع الاضطرابات الأمنية في القرى والمدن الخاضعة لإرهابهم الأمني، فكل هذه الأمور مستمرة إلى حين يشاء الله ويهديهم أو «يزولهم ويأخذهم أخذ عزيز مقتدر»، إنما من منطلق حاجة التجديد بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على «ثوراتهم» استهداف المصارف الآلية للبنوك وحرقها لضرب عصفورين بحجر، أولها أن هذه المصارف الآلية للبنوك والتي بعضها فروع لمصارف دولية سيجعل حرق بعضها، أصحابها يراجعون أنفسهم في مسألة فتح فروع إضافية في مملكة البحرين وزيادة حجم الاستثمار المصرفي والمالي من جانب، ومن جانب آخر تهريب أي رؤوس أموال أو مستثمرين أو بنوك ومصارف قادمة تضع مملكة البحرين أمام نصب عينها في مسألة استثماراتهم والتوسع في أعمالهم البنكية، فهذه اللعبة الأمنية التي وقعت خلال هذه الفترة من العيد لها أبعاد اقتصادية خطيرة على الدولة وانعكاسات تنموية تصل حتى إلى مسألة توفير فرص العمل للمواطنين في قطاعات البنوك والمصارف قبل أن تكون لها أبعاد أمنية واجتماعية.
يبدو أن هناك من أراد خلال فترة العيد أن يحرم الأطفال من عياديهم وأولياء الأمور من سحب الأموال لصرفها في بهجة عائلاتهم وترفيههم، فهناك من يطمح لأن يجعل مملكة البحرين في كل مناسبة دينية أو وطنية تمر فيها ساحة للاضطراب الأمني التي تجعل المواطن يفكر ألف مرة قبل أن يعرج على الصراف الآلي حتى لسحب المال ومن ثم الاتجاه إلى المجمعات والأماكن الترفيهية مع عائلته، هناك من يخطط لأن تكون أعماله الإرهابية مثل العصا التي تخيف وتفزع و«تكش» كل مستثمر عن الاستثمار في البحرين، وتجعله يستعبد ساحتها من جهة، ومن جهة أخرى تقلص أعمال المستثمرين الحاليين الموجودين وتكبدهم الخسائر والأضرار، حتى لو أدى ذلك إلى إغلاق مصارفهم وبنوكهم ومن ثم تسريح الموظفين البحرينيين وجعلهم عاطلون عن العمل.
من خطط لهذه اللعبة الإرهابية فطن أن البحرين تتميز بأنها أرض خصبة لاستقطاب المصارف الدولية، لاسيما الإسلامية، على مستوى منطقة الشرق الأوسط، ولعل ما أعلنه مجلس التنمية الاقتصادية خلال شهر مارس الفائت أن هناك زيادة ملحوظة في نمو قطاع الخدمات المالية في البحرين خلال عام 2013 بعد تحليل المعلومات المتعلقة بقطاع الخدمات المالية من قبل مصرف البحرين المركزي ومجلس التنمية الاقتصادية، حيث أوضح أن هناك طلباً متزايد الوتيرة على الخدمات والمنتجات المالية المتطورة في مملكة البحرين، مما ساهم في نمو هذا القطاع بشكل كبير، فكان مثل الصفعة التي وجهت إلى وجوه هؤلاء لتوقظهم على أن كل أعمالهم الإرهابية الجارية من قبل قطاع الطرق الذين يغررون بهم لأجل تهريب رؤوس الأموال وشل الحركة التنموية والاقتصادية للبلد ضاعت سدى عام 2013.
من هنا جاء الهدف هذه المرة وخلال فترة العيد الفترة التي تشهد فيها المصارف الآلية للبنوك ضغطاً كبيراً في المعاملات المصرفية، سواء من المواطنين أنفسهم أو الزوار والسياح، فألعابهم الإرهابية هذه المرة استهدفت توجيه ضربة اقتصادية إلى أصحاب البنوك والمصارف، وهو أمر ينبه إلى أن ثلة الإرهابيين هؤلاء يدرسون القطاعات التنموية في البلد والآخذة في الازدهار ومن ثم يعدون العدة لمهاجمتها وإرهابها، وهو أمر يشير إلى وجود فراغ تحليلي، ويؤكد الحاجة إلى أهمية إيجاد مركز أبحاث سياسي وأمني لدراسة مستجدات الساحة الأمنية في مملكة البحرين، ومن ثم إيجاد الدراسات والتحليلات التي تكشف عن خط سير الجماعات الإرهابية والمواقع الحيوية في الدولة التي ستكون معرضة للاستهداف الأمني من جانبهم خلال الفترة القادمة.
بكلمات أخرى «نبرز الدوى قبل الفلعة»؛ فلو كان هذا المركز موجوداً لوجدنا «بديهياً» ومع تحليل الساحة أن الحاجة الأمنية تفرض نفسها على التركيز والتكثيف الأمني على المصارف والبنوك خلال فترة العيد كونها تدخل ضمن معادلتهم الإرهابية، فنحن في مملكة البحرين للأسف لا نملك الفراسة الأمنية التي تأتي جراء التحليل والدراسة للساحة، وهناك حاجة من قبل الجهات المسؤولة والأمنية بالدولة أن تسارع في حل هذه المشكلة من خلال التقدم على هؤلاء بخطوات استباقية تشل يدهم الإرهابية قبل أن تمتد على أي قطاع تنموي في الوطن، وهو لا يأتي إلا من خلال مراكز الأبحاث المتخصصة.
ما يحدث لا يمكن أن يقبل به أي مواطن عاقل غيور على وطنه يهتم بتنميتها وتطويرها ويتطلع إلى أن تكون مملكة البحرين سباقة دائماً في المجالات التنموية والاقتصادية، حيث لا يمكن أن نتهاون أو نقبل بما تقوم به عصابات الإرهاب في البحرين التي تطورت في «وقاحتها الإرهابية» لتصل إلى محاولة تهريب رؤوس الأموال والمستثمرين في الخدمات المالية.