ركزّ معهد البحرين للتنمية السياسية جهوده خلال هذا العام على نشر الثقافة السياسية والديمقراطية في البحرين، لاسيما ما يصب في مسألة الاستحقاق الانتخابي والاستحقاق الديمقراطي، بما يسهم في تحقيق المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى، وذلك عبر برنامج متكامل تضمن ندوات ودورات تدريبية وبرامج إذاعية وعدداً من البرامج الأخرى، وهو ما أكده مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام رئيس مجلس أمناء المعهد نبيل بن يعقوب الحمر في مؤتمر صحافي أقامه المعهد قبل يومين. ويأتي في مقدمة هذه البرامج تدشين «المنتدى الخليجي للإعلام السياسي» في نسخته الثانية، والذي ينظمه المعهد تحت عنوان «الإعلام وثقافة الاختلاف» في 13 نوفمبر المقبل.
يذكرنا ذلك بمقولة لجمال عبد الناصر «إنّ حرية الرأي هي المقدمة الأولى للديمقراطية»، وإن كانت كذلك فلا يمكن تحقيقها إلاَّ بالوصول لجوهرها المتمثل بفهم الآخر، ويكمن فهم الرأي الآخر حتماً بتقبله والتعاطي الفعلي مع ثقافة الاختلاف.
إن الوقوف على عنوان منتدى معهد البحرين للتنمية السياسية في نسخته الثانية يؤكد ذلك في فترة هامة من حياة المملكة؛ تستعد فيها لاستقبال عرسها الانتخابي الديمقراطي في ظل التعددية والتنوع الذين تزخر بهما، فضلاً عما يشكله من أهمية في ظل الصراعات والتناحرات التي تسود المنطقة، والظروف التي يشهدها الشرق الأوسط والعالم العربي منذ زوبعة «الفوضى الخلاقة» المعنونة بالربيع العربي، ذلك الذي ألغى فصل الربيع من مناخات المنطقة!
ولأن «الإعلام أصبح لاعباً محورياً مؤثراً في تشكيل وعي الشعوب وتوجهاتهم وأداة فعالة للتواصل والحوار بين الثقافات والحضارات المختلفة» كان تدشين منتدى إعلامي سياسي يتداول المعلومات والثقافات بإيجابية، وهو واحدة من أكثر الخطوات الهامة التي قام بها المعهد منذ تأسيسه، لاسيما في ظل التردي اللافت للإعلام العربي في كثير من مؤسساته؛ لخروجه عن المهنية والموضوعية وانزلاقه المتطرف في أيديولوجيات الواقع السياسي الراهنة. ونظراً للأثر والتأثير الكبيرين للإعلام على آراء ووعي الجمهور وتوجيهه وإمكانياته الفائقة في تشكيل الوعي الجمعي للشعوب؛ فإن اختياراً كهذا لموضوع المنتدى من قبل المعهد بمثابة وضع اليد على الجرح وتشخيص علّة الغليان والفوران في المنطقة، الأمر الذي يشكل هماً مشتركاً بين المعهد وبين مؤسسات الإعلام النزيهة الغارقة في مواجهتها لمد موج الفساد الإعلامي في مجتمع اللامهنية الإعلامية ولا أخلاقيات المهنة.. إلاَّ من رحم ربي، وهو ما يمنح الأخيرة بصيص أمل في إحقاق الحق وإعادة الروح النظيفة للجسم الإعلامي الخليجي والعربي، ليمارس المهنة الإعلامية قبل السياسة.
الجميل في الأمر التناغم بين الجهود والتوجهات العامة في موضوعات مؤتمرات ومنتديات هذا العام، وهو ما يؤكد على أهمية الموضوع من جهة وما يبعث الأمل لإفراز بعض التوصيات والحلول الناجعة لما يعتري واقعنا الخليجي خصوصاً والعربي بصفة عامة من أزمات ومآزق. وتتمثل تلك التوجهات بنزوع المعهد للاستفادة من تجارب دول الخليج والعالم العربي، والنأي عن الانغلاق المحلي، الأمر المماثل الذي يعتزم «الملتقى الخليجي الثالث للتخطيط الاستراتيجي» الوقوف عليه بعد أيام قلائل من هذا المنتدى، إذ سيركز على الخطط الإقليمية خروجاً عن المحلية كذلك.
- انفجار النبض..
إن تنفيذ معهد البحرين للتنمية السياسية بعضاً من التوصيات المعني بها والتي تمخض عنها منتداه في النسخة الأولى، لبرهان على السعي الحثيث لتنفيذ المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى، والعمل على الإسهام في الارتقاء بنهضة مملكة البحرين سياسياً وثقافياً. وإن النظر الجاد في التوصية بشأن «جائزة الإعلام السياسي» ستكون حافزاً كبيراً لمزيد من الانضباط المهني في صفوف الإعلام المتطرف، سعياً للمنافسة والتميز فيما يحقق أهداف المعهد بأساليب راقية.