ِفي الطفولة التي تركتنا، مغامرين نحاول اكتشاف الحياة، ونتعلم مما نراه ونحسه ونتذوقه من نعم الحياة، عشنا مع الأغاني التي تحاول أن تعطينا الحكمة عبر اللحن والكلمات المعبرة عن حالة من حالات الحب، وأذكر من هذه الأغاني وأنا في الصف الخامس الابتدائي إحدى الأغاني الجميلة لكوكب الشرق أم كلثوم، والتي تقول في أحد مقاطعها: انته فين والحب فين ظالمه ليه دايما معاك انته لو حبيت يومين كان هواك خلاك ملاك من هذه الأغنية عرفت أن الحب الحقيقي هو أكبر من المحبين، فالحب رابطة إنسانية، غاية في الرقة واللطافة، مودة خالصة وعطاء لا يطلب شيئاً، كما هي في حالة أعظم المحبين على وجه الأرض، قيس وليلى، الذي جعلهما الحب أن يتحولا إلى رموز لا تدخل مساحة النسيان. من هنا أرى أن التصورات التي نتصورها عن العيب أو الخطأ في الآخرين، ربما هي ليست كذلك، ليس في الحب الذي بطبيعته رباط كوني، أرضي، إنساني، ممتزج بشيء من الجوهر الإلهي الذي خلقنا به، إنما في تعاملنا مع هذا الحب، أو المحبة، والتي هي محايدة، كما هو كل شيء في هذه الحياة، محايد، ويتعامل مع أفكارنا، ورؤيتنا، وتوجهاتنا، سواء إن كانت سلبية أو إيجابية. وهذا الكلام الذي أقوله، من أجل توضيح أن المحبة بين الإنسان والآخر، أكبر من رؤية الشخص لنفسه، وتصور أن الآخر، المحبوب، ربما يكون على خطأ، ويبدأ بالتصرف على هذا النحو، إنه سيقوم بواجبه الإنساني من أجل ألا يزعج المحبوب. وقبل فترة بسيطة التقيت بإحدى القصص الواقعية التي من الممكن أن توضح ما أرمي إلى الوصول إليه، تقول القصة: رجل تزوج منذ فترة طويلة، من نفس عائلته، وكان في بعض أفراد العائلة مرض وراثي، وهو انخفاض قوة السمع مع تقدم العمر، شك الزوج في أن زوجته بدأ سمعها ينخفض فاستشار طبيباً، قال له الطبيب إن هناك طريقة سهلة للتأكد من سمع زوجته، وهي أن يكلمها بصوت معتدل على بعد 50 قدماً منها، ثم يقترب إلى 40 قدماً، ويعيد نفس الكلام، فإن لم تجبه يقترب إلى 20 قدماً، ثم يقترب إلى 10، وإذا لم تجبه يكلمها من خلفها، وهكذا يتأكد من قوة سمع زوجته. عاد الزوج إلى المنزل وزوجته تعد طعام الغداء بالمطبخ، فابتعد عن المطبخ 50 قدماً وقال لها: حبيبتي ماذا تعدين للغداء؟ فلم تجبه، اقترب لـ 40 قدماً، وقال: حبيبتي ماذا تعدين للغداء؟ فلم تجبه، فاقترب لـ 20 قدماً وأعاد السؤال، فلم تجبه! ثم اقترب لعشر أقدام وكرر السؤال، فلم تجبه! وأخيراً وقف خلفها وقال: حبيبتي ماذا تعدين للغداء، التفتت وقالت له، هذه خامس مرة أقول لك، دجاج بالفرن! لا تنظر إلى نفسك أنك على صواب دائماً، قد تكون المشكلة عندك. لا توجد مشاكل، إنما توجد طرق في النظر إلى أي مشكلة، وكيفية استقبالنا لما تدعى بالمشاكل، النظرة الإيجابية لها هي المقياس في حلها. المشكلة هي في نظرتنا، إذا غيرنا هذه النظرة، أو نظرنا من زاوية مختلفة، سنجد كل شيء يتغير من حولنا. انظر إلى قلبك دائماً وستجد الحلول التي تفرحك. انظر إلى قلبك دائماً، ولا تصدر أي حكم على الآخرين، وعلى أخطائهم، حتى لو كانت هناك ثمة أخطاء. إصدار حكمك يعني سقوطك في السلبي الذي لا يتماشى مع قوانين الحياة الإيجابية.