في عددها لشهر سبتمبر 2014 اهتمت نشرة «عمال ألبا» التي تصدر عن نقابة عمال ألبا بالإشارة إلى مثال لتكافل العاملين حيث تمكنوا خلال خمسة أيام فقط من جمع مبلغ مائة ألف دينار لشراء بيت لذوي زميل لهم توفي قبل شهر وفاء له وتأكيداً على مبدأ التكافل والتراحم واستجابة لطلب النقابة التي حرصت على توفير سكن لائق لعائلة العامل المتوفى. المثير في الأمر أن النقابة كانت تأمل أن يبادر العمال بجمع مبلغ لشراء شقة صغيرة فإذا بهم يفاجئون الجميع بتوفير مبلغ يكفي لشراء فيلا جميلة تتسع لجميع أفراد عائلة المتوفى تم تقديمها كهدية تشعرهم بأن الدنيا لا تزال بخير ولتأكيد مكانة الزميل الراحل ومحبة العمال له، وهو أمر كان له تأثير جميل دونما شك على الأسرة.
هكذا هي البحرين دائماً، هكذا كانت، وهكذا ستبقى مهما حاول الغريب أن يفعل، فرغم كل ما جرى على شعبها في السنوات الثلاث الأخيرة والشرخ الذي كاد أن يقسم المجتمع إلى فسطاطين إلا أنه أثبت أنه شعب قادر على استيعاب كل المتغيرات والتفاعل معها وقادر على إعادة بناء كل ما تأثر أو تهدم.
العمال الذين ساهموا باقتطاع أجزاء من رواتبهم لشراء منزل لائق بأهل زميلهم المتوفى لم ينظروا إلى الموضوع من زاوية أنه ينتمي إلى هذا المذهب أو ذاك، بدليل أن الجميع ساهم بل حرص على المساهمة كي يعطي مثالاً ناصعاً على أصالة عمال البحرين وشعب البحرين، فلا يمكن لهذا الشعب أن يتغير مهما حاول من يريد به السوء ويفرح لتفرقه، ولا يمكن لهذا الشعب أن يستجيب لمن يريد له السوء لأنه باختصار يعرف أنه يريد به السوء ولا يمكن أن يقبل على وطنه ونفسه.
بالتأكيد ليس عمال ألبا هم المثال الوحيد في مسألة التكافل بين العاملين أو بين أبناء الحي الواحد، ولكنه اعتبر مثالاً شعبياً ونموذجاً لأنه جاء في وقت ظن فيه البعض أن الشرخ الذي أوجده أولئك الذين لا يحبون الخير للبحرين وشعبها بما فعلوه في السنوات الثلاث الأخيرة كان كافياً للقضاء على كل القيم والمبادئ التي تميز شعب البحرين بها على مدى التاريخ ومنها التكافل.
التكافل سلوك أصيل في شعب البحرين وله هنا العديد من الصور يعرفها الجميع أبرزها على وجه الإطلاق مشروع صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة للأيتام والأرامل ومبادرات صاحبة السمو قرينة الملك الشيخة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة لتوفير الحياة الكريمة والسكن اللائق للمطلقات، وفي كل يوم تتوفر العديد من الأمثلة التي تؤكد هذا السلوك والخلق القويم، وهو ليس مقتصراً على فئة دون أخرى، ذلك أن شعب البحرين واحد، وسيظل كما هو واحداً من دون تقسيم.
لعل الجميع تابع أمثلة للتكافل في بعض دول مجلس التعاون والتي منها تخصيص برنامج بإحدى الفضائيات لشرح حالة إنسان يعاني من مشكلة ما وله حاجة واستقبال التبرعات على الهواء مباشرة.
في السياق نفسه خصصت إحدى دول التعاون «هاشتاق» للإعلان عن حالات معينة تستدعي جمع التبرعات لها حيث تقوم بنشر كل ما يصلها من أهل الخير أولا بأول حتى اكتمال المبلغ المطلوب «يوجد شيء من هذا القبيل أيضا في البحرين». وهناك صور أخرى كثيرة يعبر بها أهل التعاون عن حبهم لفعل الخير والتكافل.
صحيح أن الناس بطبعها تقبل على العطاء في حالات مثل فقد الأسرة لولي أمرها أو إصابة أحد أفرادها بمرض خطير أو تعرضه لحادث بليغ أو حريق، وجميعها صور معبرة عن التكافل طيبة، ولكن بالإمكان ابتداع صور أخرى جديدة تميز البحرين وأهلها في هذا الميدان الاجتماعي والإنساني.