عند الحديث عن إسقاط الديون عن المواطنين، سواء الإسكانية وبالأخص الشخصية، فإنه حديث ذو شجون، ويحمل أهات طويلة المدى وتنهيدات تحرق أوراق الشجر، فذلك «الحمل الثقيل» المسمى بالديون يؤرق الكثير من المواطنين في تحقيق أبسط رغباتهم، كزواج مثلاً بالنسبة لموظف شاب للتو بدأ حياته المهنية، وخطى أول درجة في سلم الوظيفة، فهل يشتري سيارة جديدة تأكل أقساطها نصف راتبه القليل أصلاً لسنوات أخرى قادمة؟ أم هل يتزوج ويعيش ثلاثة أرباع عمره بالأقساط والإيجار في ظل انعدام وجود منزل الإسكان إلا بعد سنوات طويلة الله وحده أعلم بعددها؟
أفواج من الشباب المتوظفين حديثاً بعد التخرج من الجامعة، والذين عادة في منتصف العشرينيات من أعمارهم لا يعرفون ماذا يعملون في بداية حياتهم العملية، ليست الحيرة هي السبب؛ بل السبب هو ضعف الراتب الذي يقسم ويجزأ لعدة أقسام وأجزاء في محاولة -هي يائسة بالتأكيد- لمعادلته مع أيام الشهر، خاصة وأن الراتب في ظل متوسط متطلبات الحياة يعتبر متدنياً جداً، هل يشتري المواطن سيارة جديدة بسعر معقول «إن وجد هذا المعقول»؟ أم هل يؤمن متطلبات أسرته ويساعد ذويه في توفير مستلزمات منزله «منزل والده»؟ أم أن يبني ملحقاً سكنياً في هذا المنزل ليتزوج خاصة وأن منزل وزارة الإسكان؟ وبدل السكن الذين يتحدثون عنه بأنه من الامتيازات للمواطن «بعيد المنال» في ظل شروطهم المعسرة لا الميسرة، أم أن يتزوج ويخرج في شقة للإيجار تأكل ثلث راتبه إن لم يكن نصفه؟ فلك الله أيها الشاب، مقفلة عليك من كل الاتجاهات.
الكثير من الشباب البحريني ممن وصل إلى سن الزواج لا يستطيع الجزم بالأولويات التي يرغب بتنفيذها، لأنها جميعها أولويات «الزواج، السيارة، المسكن»، ولكن قد تحل جزءاً كبيراً من مشاكله تلك في حال حصول الشباب على تسهيلات كنوع من الدعم، لنقل لمن يرغب في الزواج منهم بمبلغ مالي يساعده في بداية حياته، ونفس الأمر ينطبق على دعم المتزوجين حديثاً.
إن ضعف الرواتب الذي لا يستطيع من خلاله الشاب تحقيق كل متطلبات حياته البسيطة أمر يؤرق العديد منهم، وإذا كان حال المواطن الجامعي في بداية حياته العملية ليس بالمستوى المأمول بمعدل رواتب يبلغ 600 دينار إذا كان في القطاع الحكومي، أما في حال تواجده في القطاع الخاص فمعدل الرواتب 400 دينار، إذاً كيف سيكون حال الشباب الذين لم يحصلوا على فرصة لدخول الجامعة؟ التعليق لكم.
مسألة إسقاط الديون الشخصية عن المواطنين، وبالتحديد الشباب منهم، إحدى الحلول التي ستساعد الكثيرين في تحقيق الرغبات الحياتية أهمها الزواج والذي هو إكمال لنصف الدين، ولعل زيادة رواتب المواطنين في القطاع الحكومي بين الحين والآخر خلال السنوات الـ15 الماضية منذ تولي جلالة الملك المفدى -حفظة الله- لدفة الحكم ساهم بتحسين الرواتب كثيراً جداً ولكن الجميع يتطلع للمزيـد.
السؤال الأهم؛ ماذا عن المواطنين العاملين في القطاع الخاص؛ هل هم بالفعل مواطنون، أم مجرد مواطنين تصنيف قطاع خاص؟ لماذا لا تشملهم زيادة الرواتب التي تمت، خاصة إذا ما علمنا بأن الكثير من المواطنين بالقطاع الخاص رواتبهم متدنية جداً وتبدأ من 250 ديناراً لغير الجامعي وقد تكون أقل، أليست المواطنة الحقة تتمثل في عدم التفريق بين مواطن وآخر والجميع متساوون في الحقوق والواجبات؟ إذاً لماذا نفرق بين مواطن يعمل في القطاع العام ومواطن آخر يعمل في القطاع الخاص؟
- مسج إعلامي..
كثير من الإخوة والأخوات النواب يضحكون على الشعب عندما يتحدثون في تصريحات صحافية بأن المجلس حقق إنجازات عديدة رغم كل الظروف الصعبة التي مرت على البلاد، وللعلم حتى المواطنين واجهوا ظروفاً صعبة خلال السنوات الماضية ووقفوا سداً منيعاً من أجل الدفاع عن الوطن وترابه، ورجال الأمن كذلك، هل توفقتم أيها السادة النواب في زيادة رواتب المواطنين الذين أوصلوكم إلى ما أنتم عليه؟؟ هل قدمتم تسهيلات داعمة للشباب البحريني؟ أم هل بذلتم جهداً لإسقاط القروض على هؤلاء الناس؟ بل إن بعض النواب الأفاضل لم يستطيعوا توجيه سؤال أو مقترح.. يا للفشل.