لطالما عرفت البحرين دائماً بقضائها النزيه، حيث حظي القضاء البحريني بسمعة متميزة وعلى أعلى المستويات بفضل اهتمام القيادة الرشيدة وحرصها الكبير على دعم القضاء والعاملين في هذا السلك الحيوي والهام لكل دولة متحضرة.
ويأتي مشروع «قضاة المستقبل» استكمالاً لهذا الحرص والاهتمام من الدولة، لما له من دعم خريجي القانون من الشباب البحريني من جهة، وتحقيق أقصى درجات الطمأنينة للمواطنين والمقيمين والمستثمرين من جهة أخرى، وبالتالي يكون القضاء البحريني مرآة تعكس عنصر الأمن الذي به تتحقق المشاريع الاستثمارية والتنموية، فتكون البحرين بيئة جذب لرؤوس الأموال التي تأتي بنفوس مطمئنة لتنفيذ مشاريعها، فتخلق للمواطنين المزيد من فرص العمل وتنتعش بفضل ذلك الحركة الاقتصادية وتزدهر.
وبالعودة لمشروع «قضاة المستقبل» فإنه وبالرغم من العدد المحدود الذين سيتم اختيارهم -بعد استيفائهم للشروط- مقارنة بعدد المتقدمين وهم 385 شخصاً، إلا أن بواعث الأمل والإيجابية تتركز في نقطتين جوهريتين؛ الأولى إنهاء إشكالية النقص الملحوظ في إعداد القضاة حالياً مما سيساهم في تسريع إجراءات حسم القضايا وعدم تأخير مصالح المتقاضين في ظل زيادة أعداد الدعاوى المرفوعة، أما النقطة الثانية الأكثر أهمية فإنها تتمثل في أن يكون الأغلبية من منتسبي هذا السلك الهام هم من المواطنين الذين سيصبحون مع مرور الزمن من أصحاب الخبرات، خاصة في ظل توافر الخبرات الحالية التي ستنقل خبراتها إلى الأجيال الشابة.
ومن إيجابيات هذا المشروع الهام أن «الخاسر له فرصة ثانية»، وهم الأشخاص الذين لم يستوفوا الشروط المطلوبة، حيث سيتم اختيار 20 منهم بحسب الأكفأ بوظيفة باحثين قانونيين، وبالتالي فإن مجموع المستفيدين سيصل قرابة 55 شخصاً، وعلى أمل أكبر بالنظر لبقية المتقدمين في وظائف أخرى فهم في نهاية الأمر بحرينيون وأبناء هذه الأرض الطيبة، ونحن على ثقة في القرار الصائب من رئيس المجلس الأعلى للقضاء رئيس محكمة التمييز، المستشار سالم الكواري، بتشكيل لجنة عليا من القضاة والمحامين والخبراء للإشراف على مراحل التقييم لمشروع قضاة المستقبل، وهو قرار اتسم بالشفافية العالية التي تنظر لمعيار المعيار الأكاديمي والخبرة العملية التي تساهم في تطوير القضاء البحريني، وليس لداء «الواسطة» الذي قد نجده مستشرياً وباؤه في جهات أخرى.
وبمعنى آخر فإن اختيار المرشح في المشروع تسبقه خطوات منها تقديم امتحانات ومقابلات شخصية بعيدة عن «التمثيل» الذي يلجأ إليه البعض في اختيار مرشح الوظيفة بالواسطة، لتكون الامتحانات والمقابلات مجرد «مضيعة لوقت» كون حسم «المختار» للوظيفة قد تم سلفاً وللأسف الشديد.
مشروع قضاة المستقبل يعد من الإنجازات التي تسجل للقضاء البحريني وللمجلس الأعلى للقضاء، وجاء هذا المشروع بعد دراسة دقيقة لتطوير القضاء في البلاد، وجاءت زيارة وفد قضائي من مملكة هولندا إلى البحرين مؤخراً ليؤكد ذلك من خلال إعجابهم بهذا المشروع الرائد، وتأكيدهم على نقل تلك التجربة البحرينية الناجحة إلى دولتهم التي هي بالأساس يطلق على عاصمتها «عاصمة العالم القانونية» لاستضافتها لخمس محاكم دولية وهي؛ محكمة التحكيم الدائمة، ومحكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، والمحكمة الجنائية الدولية، والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وتقع مقار المحاكم الأربع الأولى في لاهاي، تماماً كما هو الحال بالنسبة لمقار وكالة الاستخبارات الجنائية التابعة للاتحاد الأوروبي يوروبول، ووكالة التعاون القضائي الأوروبي يوروجست، وأيضاً مقر منظمة حظر الأسلحة الكيميائية.
نتمنى الاستمرار على هذا النهج ووضع المزيد من تلك المشاريع في المستقبل القريب، وكذلك الاهتمام بتلك المواهب الذين لم يوفقوا في الوصول لوظيفة قضاة المستقبل أو كباحثين قانونيين من خلال التعاون مع مختلف جهات الدولة لإيجاد وتدبير وظائف لهم تليق بمؤهلاتهم.
- مسج إعلامي..
تدريب عينة من أعضاء السلطة القضائية، بحسب تصريح للمستشار سالم الكواري، للتعاطي مع العملية الانتخابية، سيساهم في تطوير مهاراتهم وتأهيل تلك الكفاءات بشكل أكبر مع ضمان سير العملية بطريقة مرنة، على اعتبار أن السلطتين التشريعية والقضائية هما من ركائز العملية الديمقراطية وإحدى دعائم المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى حفظه الله.