«1»
العيد لغة مشتركة للفرح؛ إلا أن هناك من يود دائماً قلب الأفراح إلى أتراح ومواعظ وقضية قابلة للنقاش والجدل والاختلاف، إلى اليوم لم نفهم سبب اجتهاد البعض في إفساد فرحة العيد وإضاعة أوقاته بالنقاش حول مسألة «تقديم العيادي بدعة»، كما إن هناك أصواتاً خرجت خلال شهر رمضان المبارك تزعم أن «عرف القرقاعون» بدعة لا يجب القيام بها في محاولة لدفع الأطفال لترك هذه العادة التراثية والثقافية الجميلة، لدرجة قيام بعض العلماء بتحريمه مدعين أنه يختص بطائفة معينة، لايزال موقف يستحضرنا لرجل تظهر على هيئته ملامح الالتزام غير أن كلامه لم يوافق هذا الالتزام بمراعاة مشاعر الأطفال الفرحين حينما نهرهم وهم يعايدونه عن القيام بالمعايدة، قائلاً لهم إن هذا السلوك «سلوك طراروة!»، وأنه بدعة تنحرف عن مظاهر الاحتفال بالعيد في الإسلام.
هؤلاء الذين يتفننون دائماً في الخلط بين الأعراف والعادات والتقاليد وبين الدين، ويضعون الدين شماعة ومبرراً دائماً لتصرفاتهم «الخشنة» والمتناقضة مع الآخرين لا يفقهون الخط الفاصل بين مثل هذه العادات الموروثة من جيل الآباء والأجداد، والتي جاءت لأجل إشاعة الفرح وتعزيز التواصل المجتمعي ونشر الفرح على الأطفال «من فرح صبي فرح نبي» وبين أصول الإسلام، ومما هو بعيد وبريء عنها، فالمعظم يدرك أن مثل هذه المناسبات بالأصل عادات شعبية وثقافية لا دينية، وإن كان من الممكن أن يستغلها البعض وتنحرف لتتحول إلى واجب ديني، فنقول لهؤلاء أيضاً مسألة إرسال التهاني ورسائل العيد عن طريق الهاتف التي باتت ملزمة في وقتنا الحالي قد تكون «بدعة» لا علاقة لها بطريقة الاحتفال بالأعياد الإسلامية مثلاً؛ أليس كذلك؟
يا جماعة؛ اتركوا الناس تفرح وتعيش أجواءها الاجتماعية الجميلة التي تدخل في تاريخنا وإرثنا المجتمعي «يعني الدين ما يطلع إلا في هاللحظة بس عندكم؟ هل أصبحنا أمة لا تفرح؟ خلو الناس والأطفال قبلهم يحسون بفرحة العيد»، فمن الحماقة جداً أن يكون الناس فرحين بالعيد ويعيشون أجواءه الجميلة، ونجد أشخاصاً قد تركوا هذه المناسبة وأضاعوا وقت العيد كله في النقاش والتجادل بشأن «بدعة العيادي».
«2»
البعض في العيد يهتم بمعايدة الناس سواء من أقاربه أو معارفه بالعموم و«يتعب حاله» في الاتجاه من مجلس إلى مجلس ومن منزل إلى منزل، وقد تأتي بعض الزيارات مجاملة أكثر منها واجباً واهتماماً ورغبة بالتواصل، لكنه ينسى معايدة موتاه بالدعاء لهم وزيارة قبورهم. زيارة الميت سنة، ورغم أن الدين لم يحدد وقتاً معيناً أو مناسبات لزيارة الميت، وربما اهتم بهذه السنة كونها تجسد عبرة للأحياء وتذكرة لهم عن دار الآخرة، لكن العيد يمثل فرصة لتجديد مثل هذه الزيارات والاهتمام بمعايدة الموتى كما الاهتمام بمعايدة الأحياء، لذا نجد البعض في العيد يهتم بالمرور على المقابر لزيارة الموتى والدعاء وإخراج الصدقات لهم، فيما البعض غافل لاهٍ، يقوم بكل شيء في العيد إلا الاهتمام بإحياء بعض السنن والعبادات المستحبة.
فالميت يشعر بمن يتواصل معه دعاء وصدقة، وهناك نماذج كثيرة وأحاديث من رسولنا الكريم بينت هذا الأمر، ومنها «إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة».
«3»
«عيد بأي حال عدت يا عيد؟!»؛ عاد العيد على الأمة العربية والإسلامية هذه السنة بتذكار القضية الفلسطينية المركونة دون بصيص نور منذ سنين، غير أن اهتمام الناس بقضية الاعتداء الآثم الجاري على غزة، والذي لم ينسهم العيد مواصلة تداول القضية وجمع التبرعات مؤشر جميل يعكس أن قلب الشعوب العربية لايزال ينبض بقضاياه ولم «تسقط فلسطين» ولن تسقط أبداً من ذاكرتهم.
- مساحة خاصة..
لا يمكن أن تغفل الذاكرة ابن المحرق الأصيل اللواء أحمد عبدالكريم بوعلاي، الرجل الفاضل الذي كانت له بصمات خير وعطاء للوطن والناس في كل مكان، هذا الرجل الذي كان من أوائل ممن خدموا في الجيش، ويعتبر كنزاً من المعلومات والمعارف عن البحرين والمحرق ويشكل رافداً من روافد العطاء والتميز الوطني، وله جهود سباقة ومساعي خيرة كثيرة ولايزال يتواصل بين فترة وأخرى مع الناس، كما كان له تواصل راقٍ جداً مع الصحافة.
خالص دعائنا وتمنياتنا له بالشفاء العاجل، وأن يبقيه الله ذخراً للبحرين وأهلها ويحفظ روحه الوطنية الجميلة لنا.