ما الذي فعلناه من أجل فلسطين بصفة عامة وغزة بصفة خاصة، ما الذي فعلناه كبحرينيين وكعرب، يمكننا إيجاز ما فعلناه في تحركات ومواقف باهتة خجولة مخجلة، لا ترقى بأي شكل إلى مستوى الحدث، مستوى الكارثة، مستوى الجريمة التي يرتكبها العدو الإسرائيلي وترعاها الولايات المتحدة وتؤيدها عدد من الدول الغربية.
قمنا بمظاهرات متفرقة محدودة العدد ومحدودة الإعداد، لا تضاهي تلك المظاهرات التي نظمت في عواصم ومدن دول غربية مثل لندن وباريس وواشنطن وغيرها، ودول أمريكا اللاتينية وجنوب أفريقيا واسيا، التحركات والاحتجاجات التي حدثت في هذه الدول هي أكبر وأشمل وأكثر حرية وتأثيراً من التي حدثت في البحرين وبلداننا الخليجية والعربية.
فالذين يعيشون في تلك البلدان من مواطنين -أجانب وعرب- يتحركون في جو مفعم بالحرية مصان بالدساتير وبسلطة القضاء ولا تحد منه وسائل القمع والمنع مثل التي استخدمت في فرنسا، والذين يعيشون في بلداننا العربية يتحركون في أجواء مليئة بالقيود والشك والتوجس والانقسام والتربص إلى درجة تجعل من أي تحرك ومحاولة تعبير ضعيفة واهنة لا قيمة ولا تأثير لها...
وغير المظاهرات قمنا بتنظيم حملات لجمع التبرعات من أجل إرسالها إلى غزة، وهي تبرعات -كما رأينا- لا تزيد عن تلك التي تجمع في حالة وقوع الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات، بل إن الذي نظم من أجل شعب غزة وقدم له أقل من الذي قدم في السابق من تبرعات الكوارث الطبيعية.
وفي كل الأحوال فإن المظاهرات التي نظمت والتبرعات التي جمعت لا تساوي شيئاً أمام فداحة الخسائر البشرية والمادية التي حدثت في غزة، وأمام حجم الكارثة التي وقعت هناك، وأمام الجريمة الإنسانية التي ارتكبها العدوان، لكن ما حدث من تحرك وقدم من تبرعات لا يبتعد كثيراً عن واقع الإحباط واليأس والمعاناة التي يعيشها المواطن العربي في أغلب بلداننا العربية، والتي تمعنه من التعبير عن رأيه والقيام بدوره المتناسب وحجم الكارثة.