حتى قبل الأحداث التي مررنا بها في 2011 كانت هناك احتقانات كثيرة مرأية ومشاهدة مورست خلال تلك الفترات، صور كثيرة من الإرهاب الفكري، وربما أول من تعرض لهذا الإرهاب الفكري أستاذنا الكبير علي سيار، حتى أخذت «الشيلات» تردد اسمه.
منذ ذلك الحين وإلى اليوم يبقى المحرك لهذه الأفعال هو ذاته، تحشيد وإرهاب، وتهديد بالقتل، وأعتقد أن جزءاً كبيراً مما حصل في تلك الفترات، يحصل اليوم متواصلاً، وآخر ما حدث كان للأخ والزميل طارق العامر، اختلفنا أو اتفقنا معه.
لست هنا لأعطي صك براءة أو إدانة للزميل، ولست -أنا- قاضياً، كما إني لا أتدخل في القرار الإداري لصحيفة البلاد، فهو حق لها كمؤسسة إن رأت أن هناك ما يمس جزءاً من المجتمع والصحيفة على حد سواء.
كما إن الدولة بسلطاتها لم تتدخل في إقالة العامر وهو يعمل بمؤسسة خاصة، إنما السؤال هنا هل نحتكم في خلافاتنا إلى المقياس ذاته، وإلى المكيال ذاته؟
هل ما ذهب إليه العامر أكبر مما فعله ومارسه غيره من رؤساء تحرير حين لفقوا أخباراً كاذبة زعموا فيها أن هناك انتهاكات لحقوق الإنسان تمارسها الشرطة البحرينية، بينما الأخبار أخذت من صحف عربية؟
وكان القصد من ذلك تشويه صورة رجال الأمن، وإعطاء انطباع للدول الكبرى من خلال سفاراتهم أن الأمن البحريني يمارس انتهاكات كبيرة؟
هل نضع ذات المكيال للتعامل مع أمور تمس الدولة وأمنها ومجتمعها بأسره، مع مقال كتب ولم يقصد به الإساءة إلى معتقد أحد؟
هل يتساوى العامر مع علي سلمان الذي تهجم على صحابة رسول الله وكال لهم الأوصاف، بينما لم تتحرك أي جهة لمقاضاته، لا وزارة العدل، ولا مؤسسات المجتمع المدني، ولا الجمعيات، ولا الأفراد؟
هل يتساوى العامر مع من يتهجم على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم واتهم الرسول في عرضه، ويتهجم على أمهات المؤمنين؟
أين القانون من كل هذا؟
البعض يرى أن العامر أخطأ، والبعض الآخر يرى غير ذلك تماماً، والمسألة لا يجب أن تحتكم إلى الأهواء والانفعالات والتحشيد الطائفي، من يرى أن العامر مسه بشيء، فليذهب إلى القضاء ليحكم القضاء في هذا الأمر، لا أن تطلق تهديدات القتل، أو يأتي الغوغاء ليتهجم على مقر الصحيفة.
ما يمارس ضد العامر اليوم، مورس من قبل تجاه آخرين، وسيمارس ضد آخرين أيضاً، إنها هجمة الغوغاء الذين يحركون بالريموت يقال لهم اذهبوا.. فيذهبون، هذا هو الإرهاب الفكري يجب أن تتخذ الدولة إجراءات ضده، لا ينبغي أن يهدد الناس بالقتل هكذا، أو أن تأتي جماعة أو فئة لتمارس تطبيق القانون الذي في رأسها، وتقوم مقام الدولة.
الاحتكام يجب أن يكون إلى القنوات القانونية الشرعية، وأن يكون هناك قضاء عادل، وأن يملك أي شخص توجه له التهمة حق الدفاع كاملاً عن نفسه.
أما دعوات القتل، فيجب أن يحاسب من أطلقها بالقانون، كان فرداً أو جماعة، لا أن تبقى الجهات المعنية تتفرج على دعوات القتل دون إجراءات.