ما أردت أن أقوله في ختام موضوع أمس. هو أن على كبار المسؤولين في الدولة أن يقيموا أداء المجالس البلدية وأن يناقشوا أوضاعها المستقبلية ليس مع وزارة شؤون البلديات ولكن مع المجالس البلدية نفسها بالإضافة إلى الاجتماع مع بعض أعضاء المجالس البلدية السابقين وكذلك الاطلاع على أوضاع وتشريعات وأساليب تقييم المجالس البلدية في دول مختلفة أوروبية وآسيوية وعلى الأخص تجربة المجلس البلدي في الكويت الذي يمثل الكويت كلها ويجمع بين الانتخاب والتعيين.
وبعد ذلك يواصل المسؤولون تقييمهم بالتوقف عند وزارة شؤون البلديات وتقييم تجربتها من عدة نواحٍ أولها وأهمها مسألة لزومية وجود هذه الوزارة من عدمه، فبالرجوع إلى قانون البلديات لعام 2001 نجد أن وضعها في منظومة العمل البلدي غير طبيعي وأنها حشرت من قبل القانون واللائحة التنفيذية بعد ذلك وأن العمل البلدي كان يمكن أن يسير وينجح بأقل التكاليف والمصروفات وأقل المشاكل والعراقيل لو أن المجالس البلدية سيرت العمل البلدي في إطار الحكم المحلي وفي غياب وزارة شؤون البلديات.
وأنا لا أقول هذا تجنياً ولا تحاملاً على هذه الوزارة ولكن لأن وجودها كجانب من السلطة التنفيذية لإدارة والإشراف على مجالس بلدية منتخبة، هذا الوجود غير معهود ولا متعارف عليه حتى في الدول الأقل ديمقراطية من البحرين، ومادمنا في إطار التقييم فدعونا نلتفت حولنا ونقارن ونرى هل هناك دولة خليجية أو عربية أو آسيوية أو أوروبية بها مجلس أو مجالس بلدية منتخبة وإلى جانبها أو فوقها وزارة شؤون بلديات، هذا الوضع الشاذ المتناقض غير موجود إلا عندنا في البحرين، ووزارة شؤون البلديات بنظر معظم أعضاء المجالس البلدية وجدت من أجل إضعاف ومن ثم إجهاض المجالس البلدية المنتخبة.
الجانب الثاني الذي يستلزم تقييم وزارة البلديات من خلاله هو أداء هذه الوزارة من ناحية الإنتاجية والشفافية والنزاهة ومن ثم درجة تعاونها مع المجالس البلدية وحسن تصرفها بالنسبة لأموال وإيرادات الصندوق البلدي المشترك، وفي جميع هذه الحالات وغيرها الكثير أثبتت تقارير ديوان الرقابة المالية في السنوات العشر السابقة أن وزارة البلديات هي أكثر جهة حكومية وغير حكومية ترتكب التجاوزات والمخالفات وتضرب بعرض الحائط بالقوانين والقرارات المالية المحاسبية، وآخر تقرير للديوان أثبت أن هذه الوزارة انفردت بأكبر عدد من شبهات الفساد الأمر الذي يصعب على أي تقييم الإبقاء عليها ضمن التشكيل الوزاري القادم.