راهنا في مقال سابق نشر في 3 ديسمبر 2013م أن التحركات الحكومية تجاه تقرير ديوان الرقابة المالية ستكون مختلفة عن السنوات العشر التي مضت، وذلك لقيام مجلس الوزراء بتشكيل لجنة برئاسة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء سمو ولي العهد.. وقلنا أن الدعم والثقة التي أولاها سمو رئيس الوزراء لسمو ولي العهد كانت في محلها تماماً، بل إن تشكيل هذه اللجنة من مجلس الوزراء هو أفضل رد تعامل مع هذا التقرير، إننا لانزال ننتظر مزيداً من القرارات والنتائج المغايرة.
لا تزال هذه اللجنة تقوم بعملها وتواصل اتخاذ القرارات التي نراها تصب في صالح التعامل الإيجابي مع هذا التقرير، وفي كل الأحوال إن ما يجري الآن من تعاطي حكومي مع التقرير هو خطوة كبيرة أفضل من التعامل مع تلك التقارير الأخرى السابقة.
في جلسة مجلس الوزراء أمس استعرض المجلس جهود اللجنة التنسيقية التي تتعامل مع ما جاء في تقرير ديوان الرقابة المالية وطلب المجلس من وزير الداخلية إعداد تقرير حول القضايا التي أحالتها الحكومة إلى النائب العام والتي تتعلق بالتقرير والتي تشوبها شبهة جنائية، وهذه في الواقع خطوة تبين مدى الجدية بالتعامل بحزم مع تقرير ديوان الرقابة المالية.
بعد كل ذلك، نرى أن تكون هذه الجهود موثقة، ومن الأفضل أن تكون على شكل تقرير حكومي موازٍ، يرد على كل النقاط التي وردت في التقرير، أعتقد أن الحكومة لو استطاعت الوصول إلى هذا المستوى فسيكون ذلك نقلة نوعية على مستوى مكافحة الفساد المالية والإداري في المملكة، وصدور مثل هذا التقرير لن يكون أقل أهمية من التقرير نفسه، بل سيكون بذات الأهمية إن لم يكن أكثر.
ومن المناسب جداً سن مثل هذه الأعراف الحميدة في الحكومة، فتقارير ديوان الرقابة المالية لن تنتهي، وسيصدر التقرير العام تلو الآخر، فلو تم وضع تقرير حكومي موازٍ لكل تقرير للرقابة، فسيكون ذلك مثالاً كبيراً تضربه الحكومة في «المحاسبة الذاتية» التي لا تنتظر لوماً أو توجيهاً من أحد للقيام بالإصلاح المنشود.
من المناسب أن يأخذ هذا التقرير الموازي حيزه في الدولة، حتى لو احتاج ذلك تعديلاً في التشريع، أو قرارات إدارية، ومن ثم يسلم هذا التقرير إلى جلالة الملك، وتحال نسخة منه إلى مجلس النواب، بالفعل إن ذلك سيكون نقلة نوعية وتطور في تعامل الحكومة مع هذا التقرير الذي يعد أهم التقارير على مستوى المملكة.
إلى ذلك، يجب أن ينعكس ما في هذا التقرير على رسم السياسة العامة، وعلى اختيار سمو رئيس الوزراء للوزراء، ويكون هذا التقرير جزءاً من تشكيل القرارات السياسية في البلد.
والأمر الآخر، إن هذا التقرير الموازي إن تم وضعه، فعلى الصحافة أن تقوم بنشره والاهتمام به وإفراد الصفحات له، تماماً كما تفعل مع تقرير ديوان الرقابة المالية.
إن سياسة قيام كل وزارة بالرد على ما ورد عليها من مخالفات، سياسة غير مجدية، فلو تم تجميع كل الردود في تقرير واحد لكان ذلك أقوى وأفضل وأكثر مهنية.