بودي أن أتوقف بعض الوقت مع ميزانية الدولة باعتبارها الوعاء الشامل لبرنامج الحكومة، والممول لهذا البرنامج والقادر على إنجاحه أو فشله، وتوقفي هذا ينصب على ما أوردته الاستراتيجية الاقتصادية حول هذه الميزانية وماطالبت بتحقيقه في ميزانية (2011-2012)من تغيير جذري على الميزانية، ثم في الميزانية الحالية (2013-2014) ولنرَ بعد ذلك ماذا تحقق من هذا وذاك.
في البداية لابد من القول إن الاستراتيجية الاقتصادية (2009-2014) وكما يؤكد مجلس التنمية الاقتصادية في تقريره الأخير هي « مبادرات تنموية ومشاريع تطويرية تتولى تنفيذها مؤسسات الدولة، وهي في مجملها منبثقة من خطة تنموية شاملة ستحدد المسار التنموي المتكامل للبحرين، متمثلة في الرؤية2030»
وبناء عليه فإننا نفترض هنا ونحن نتحدث عن تطور الميزانية العامة أن جميع المسؤولين الحكوميين وعلى الأخص الصفوف الأربعة الأولى منهم قد قرؤوا الرؤية والاستراتيجية الاقتصادية واستوعبوا ما احتوته من توجهات وخطط ومبادرات، ومن ثم وضعت الحكومة برنامجها المنسجم والمجسد لميزانية 2011-2012 وميزانية 2013-2014 بناء على ماورد في الاستراتيجية ووضعت الوزارات والهيئات والشركات الحكومية برامجها المفصلة لبرنامج الحكومة بناء عليها أيضاً.
ولأنني أشك في أن معظم هؤلاء المسؤولين الذين ما انفكوا يتغزلون في الرؤية والاستراتيجية قد قرؤوهما فإنني أورد هنا ما جاء في الاستراتيجية حول الميزانية (هذه الاستراتيجية التي دشنت في عام 2008):
« سوف تضع وزارة المالية إجراءات للميزانية العامة قائمة على أساس الأداء لكي تضمن أن تكون ترتيبات التخطيط الاستراتيجي وترتيبات التنفيذ في المؤسسات الحكومية فعالة إلى أقصى درجة ممكنة وسوف يتم إجراء ذلك بشكل شامل للمرة الأولى ضمن دورة الميزانية للعامين 2011-2012 وسوف يتم تخصيص التمويل لمدة سنتين للمشاريع والمبادرات الحكومية بناء على الأولويات التي تضعها المؤسسات الحكومية وعليه سوف يتعين على المؤسسات الحكومية عند تقديم عروض الميزانية لمبادرات محددة أن تبين علاقتها بالأولويات الواردة في هذه الاستراتيجية وتحديد معايير قياسية صريحة واقتراح أهداف ومعالم قياسية لإنجازها، كما يتعين عليها شرح خططها لتحقيق ذلك، وسوف يتيح ذلك القدرة على المتابعة المستمرة لسير تنفيذ المبادرات الحكومية مقارنة بهذه الأهداف واتخاذ القرارات المتعلقة بالتمويل بناء على التقدم الذي تم تحقيقه في سير العمل.
كما ستتم مراجعة أداء المؤسسات الحكومية في تحقيق هذه الأولويات قبل دورة الميزانية التالية واستخدام النتائج من قبل وزارة المالية لتحديد كيفية إدراج المخصصات المالية في الميزانية القادمة مما سيؤدي إلى رفع مستوى الإفصاح والشفافية وتوفر المخصصات المالية بوضوح أكبر بناء على أولويات الحكومة وسيساعد على وضع نظام واضح للمساءلة فيما يتعلق بتحقيق النتائج».
هذا ماتقوله وتتمناه الاستراتيجية الاقتصادية، وهي أقوال وتمنيات لم تطبق في ميزانية 2011-2012 ولم يجرَ مراجعتها في ميزانية 2013-2014، ولم توجد عندنا حتى الآن ميزانية أداء وبرامج، بل أن المسؤولين لم يسمعوا بها».