إذا كان منع الصحافة من التطرق إلى موضوع معين يعتبر تكميماً للأفواه وخنقاً للحرية وتكبيلاً للأيدي والأرجل، فمن باب أولى أن منع الخطباء من التطرق إلى الأمور التي تهم الأمة الإسلامية ويتابعها القاصي والداني في العالم أكثر من ذلك.
لا بد من وضع اعتبار للخطباء، واعتبارهم دليلاً استرشادياً، لا التقليل من شأنهم ومنعهم من التطرق إلى موضوع مهم كالعراق، وإذا كانت الحجة هي منع التأجيج الطائفي، فالعلاج لا يكون بهذا الشكل، العلاج يكون بوقف من ينقل فتاوى الجهاد ضد المسلمين من تلك العمائم التي وقفت صامتة أمام الاحتلال الأمريكي وتحركت ضد الثورة العراقية الآن.
لم يحدث في البحرين قط أن صدر تعميم من وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف بوقف الخطباء عن التحدث عن موضوع العراق، في الوقت الذي يتم فيه إنزال قوات إيرانية للدفاع عن عملائهم في الداخل من حكومة المالكي.
لا بد من الوعي أن ينتشر في الأمة حول حقيقة عملاء إيران الذين يريدون الحكم تحت أعذار ومسميات عديدة تختلف في الظاهر ولكن باطنها واحد.. ها هو المالكي يصرح بكل وقاحة قائلاً إن حرب الحسين ويزيد لم تنته وأنها لا تزال قائمة، ولم نجد أحداً يوقف هذا الجنون والطائفية عند حدها، فهو لا يختلف عن جورج بوش الذي غزا العراق عندما قال قولته المشهورة «الرب أمرني بالحرب الصليبية».
إذا كانت وزارة العدل غير قادرة على كبح جماح تلك المنابر التي تأتمر بأمر السيستاني والخامنائي، فليس من العدل أن تصدر قراراً بمنع جميع الخطباء خوفاً من مواجهة تلك المنابر التي لا تستطيع -حسب خبرتنا في كيفية تعاملها مع أولئك الخطباء- قراراً يمنع كل الخطباء... قراراً من يتكلم بالحق ومن يتكلم بالباطل سواء..
إن الثورة العراقية التي تحاول إيران وأمريكا والمالكي تصويرها أنها حرب «إرهابية من داعش» من أجل إعطاء الشرعية لوأدها وقتلها وردعها، هي حرب تعني الأمة الإسلامية بأكملها، فأمريكا التي سلمت مفاتيح العراق للمالكي، هي ذاتها التي تستميت بالدفاع عنه وترسل أسطولها البحري من حاملات الطائرات لضرب هؤلاء الثوار من عشائر العراق.
إن القضية العراقية الآن موضوع خطير جداً وحساس، فهناك تحرك عسكري للضرب الجوي، وهناك تحرك عربي لمواجهة هذه الأزمة واهتمام كبير من القيادات العليا المتمثلة في مصر والسعودية، ولذلك يجب التعامل مع هذا الموضوع داخلياً بحذر.
إن الثورة السورية والعراقية المباغتة، وضعت الحلف الإيراني الأمريكي على المحك، فالتحرك العسكري الإيراني الأمريكي ما إن يوجد في العراق، فلن يمر مرور الكرام كما هو الحال في سوريا، فحزب الله لن يستطيع التدخل هذه المرة فهو يوشك أن يغوص في الوحل في سوريا، لذلك ليس أمام إيران إلا التدخل المباشر بمساندة الطائرات الأمريكية.