بعد التهنئة الحارة، والمباركة لأهالي الطلبة والطالبات الذين نجحوا في امتحانات الثانوية العامة هذا العام، علينا جميعاً أن نقف وقفة تأمل وتساؤل: كيف اختار هؤلاء تخصصاتهم (مساراتهم) التي درسوها وتفوقوا أو نجحوا فيها، هل كان هذا الاختيار ذاتياً حسب رغبة الطالب أو الطالبة، أم أن ذلك تم بالتشاور والمشاركة مع الوالدين أو إدارة المدرسة، ثم ما دور وزارة التربية والتعليم في هذا الاختيار، هل تدخلت الوزارة بالنصح والتوجيه نحو المسارات الأكثر طلباً عليها والأكثر جدوى في سوق العمل بعد التخرج من الثانوية مباشرة أو الحصول على تدريب معين، أو الالتحاق بالجامعة والكليات التخصصية.
ثم أين التنسيق في عملية الاختيار، ومن ثم توفير فرص العمل لاحقاً بين وزارة التربية ووزارة العمل وهيئة تظيم سوق العمل وتمكين وغرفة التجارة والصناعة باعتبارها الجهات المعنية والمسؤولة عن توفير فرص عمل لخريجي الثانوية ومعاهد ومراكز التدريب والجامعات، وحسب اشتراطات ومتطلبات هذه الجهات من ناحية واحتياجات سوق العمل من ناحية ثانية.
وعندما نتحدث عن وزارة العمل، فإننا نتحدث عن جهة محورية لها الكلمة الطولى في تحديد مسارات الطلبة والطالبات في المدارس والمعاهد والجامعات، وفي تحديد اختيارات الغالبية العظمى من الطلبة الذين يريدون أن يحصلوا على وظائف وينخرطوا في العمل بعد التخرج، ولا يريدون أن ينضموا إلى طوابير العاطلين المنتظرة دورها لمشاريع توظيف جديدة تنفذها الحكومة بملايين الدنانير كما هو الحال اليوم بالنسبة لمشروع توظيف 10 آلاف عاطل!
إن الدول المتقدمة والنامية على حد سواء لديها تخطيط ولديها خطة تنمية اقتصادية خمسية وعشرية وأكثر من ذلك، وهي خطة تحدد الدولة فيها القطاعات الاقتصادية التي ستركز على تنميتها في المرحلة المستهدفة وحاجة كل قطاع منها إلى القوى العاملة بتخصصاتها ومستوياتها، ودور واحتياجات القطاعين العام والخاص من هذه العمالة، وبعد ذلك توجيه المعاهد التعليمية والتدريبية نحو تخريج القوى العاملة المطلوبة والمضمون توظيفها فور التخرج وإتمام التدريب، ونحن نخرج طلبة نضعهم على لوحات الشرف وليس في مواقع العمل.