يبدو أن عيد البحرين هذا العام سيكون مختلفاً، حيث يأتي بعد أن تم منع الخمور في الفنادق ذات الفئة المتوسطة، وكان لهذا القرار أصداء متنوعة، فمؤيدون له تدفعهم العاطفة الدينية، أو عقلاء رأوا ما حل بالمجتمع من أضرار، وما صار بالأسر من تفرق وتشرذم وشتات، وكل هؤلاء قد أدركوا خطره ورأوا ضرورة إيقافه، بل وكثير من المصلحين دعا إلى اتخاذ قرار صارم، وبعضهم قام بدراسات تبين تلك المخاطر، وهناك من رفع بها إلى الجهات المعنية.
ولا يخفى أن الخمور قد راح ضحيتها أسر، فكم من عائلة فقدت عائلها بسبب متهور لعبت الخمر برأسه، فلم يستطع التحكم في مقود سيارته، فتيتم أطفال وترملت نساء، وكم أسرة قد أفسدت الخمر القائم على شؤونها، فبعد أن كان يهتم بهم ويرعاهم، صار لا يهمه من أمر أسرته شيء، وصار أسيراً لتلك الخمرة، فلا يكاد يعي منها إلا ويعود إليها، ناسياً أبناءه وأسرته.
القرار بمنع الخمر في الفنادق ذات الفئة المتوسطة كان قراراً شجاعاً وقوياً وصارماً، ومع ما ذكرنا من تأييد له من المصلحين والمهتمين بإصلاح المجتمع، فإن طائفة من المستفيدين سوف يعارضون هذا القرار، ويسعون جاهدين إلى إيقافه بحجة دعم الاقتصاد، وهذا الكلام صحيح؛ فهو من المنافع التي ذكرت في الخمر، ولكن هذه المنفعة خاصة بأصحاب الفنادق، ولكنه أيضاً مضر بالاقتصاد من ناحية أخرى، فهو يقلل من الإنتاجية، ويسبب التسرب من الدوام أو التأخر عنه، وتضييع أوقاته، وكم من موظف منضبط فلما أدمنها فصل من عمله أو كاد.
وهنا يأتي دور الصرامة معهم، وردهم على أعقابهم، حيث سيواجهون هذا القرار بكل ما أوتوا من قوة، وسوف يدخل معهم أصحاب الفنادق غير المعنية بهذا القرار، وذلك لتكثير سوادهم، ولاستباق أمر قد يأتي مستقبلاً، وهم عندما يسعون إلى إيقافه فإنهم يعطون إشارة إلى أنهم لن يسكتوا عندما تمنع الفنادق ذات الفئة العالية، وأي تراجع في تطبيقه سوف يدخل الحكومة في متاهات هي في غنى عنها.
ولا بد أن يسجل الشكر لمستحق الشكر وهو الله جل وعلا على أن وفق جلالة ملك البحرين إلى اتخاذ هذا القرار، ثم الشكر لحضرة صاحب الجلالة ملك البحرين على استجابته لرغبات المصلحين، وتلبيته مطالب كثير من الشعب، والشكر موصول إلى وزيرة الثقافة والإعلام التي كان لها دور في ذلك، كما أن المواطن يتوق إلى قرار قادم يقطع الخمر عن الفنادق بكافة فئاتها، ولن يستغرب هذا مستقبلاً.
- ومضة..
قال تعالى ?يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ?