في حديث جمعني أمس الأول مع أحد الإخوة وكان النقاش حول «ظاهرة الحرائق»، فقال بالحرف الواحد، وأحسب كلامه صحيحاً ووجيهاً، فقد قال: «لو أن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان لم يقم بزيارة موقع حريق المحرق، هل تعتقد أن مسؤولاً سيذهب لزيارة الموقع ليرى حقيقة ما جرى ويسمع من المتضررين»..؟
أجبته بصراحة أعتقد أن قلة منهم سيذهبون، أو أنهم سيذهبون بعد يومين من الحادث كما حدث مع حادث سقوط سيارة الفتاتين من كوبري السيف من بعد ضغط الصحافة والناس..!
قلت للأخ إنني طرحت هذا الموضوع ذات مرة، سمو الرئيس حفظه الله يتحرك فيتحركون وإلا فإنهم لا يتحركون من أنفسهم، من منطلق واجبهم تجاه الناس والقضايا التي تمسهم.
للأمانة فإن تحركات سمو رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله في حريقي السوق الشعبي بمدينة عيسى جعلت الأمور تتحرك، وإلا فإن لولا ذلك لبقي ركام الحرق حتى اليوم على حاله.
لا أعرف كيف أنقل للقارئ ما يدور بذهني، فما يحدث من «ظاهرة الحرائق» لا أرى أنها تحدث عفوياً في قناعاتي، أو عرضياً، قد أكون مخطئاً، لكن عقلي وتفسيري وتحليلي يقول لي ذلك.
بذات التوجسات التي أفكر بها، أيضاً لا أعتبر حرائق السيارات «وأغلبها لسيارات جديدة أو ليست قديمة» أمراً طبيعياً، هناك أمر ما، يجب التحقيق فيه من قبل وزارة الصناعة والتجارة، ومن قبل وزارة الداخلية، حرائق السيارات من غير المعقول أن تكون طبيعية في عددها، وفي من تحترق سياراتهم، وفي الوكالات التي تتبع هذه السيارات، أحسب أن هناك حلقات خفية في الموضوع ولا أجد هذه الحرائق طبيعية.
بحسب علمي أن هناك اليوم توجد لجان شكلت في موضوع الحرائق، لجنة لحريق السوق الشعبي، ولجنة شكلت لحريق سوق المحرق، ولجنتان شكلتا لحريق وزارة الإعلام، لجنة حكومية ولجنة من المجلس النيابي.
إن كانت اللجان ستحقق الغرض الذي شكلت من أجله فـ«خير وبركة» وإن كانت اللجان «لجاناً صورية» لامتصاص غضب الناس؛ فلا خير فيها والحرائق تتكرر في كل مكان حتى أصبحت ظاهرة.
لنفترض أن لجنة حريق السوق الشعبي خرجت بتوصيات من جميع الوزارات المعنية، ألا ينبغي أن نطبق مخرجات وتوصيات لجنة السوق الشعبي على كل الأسواق المماثلة حتى لا تحدث حرائق كما حدثت في السوق الشعبي ولمرتين متتاليتين؟
أم أن اللجنة هي فقط للسوق الشعبي بمدينة عيسى؟
ألا ينبغي أن تخرج قرارات وزارية تفرض تطبيق توصيات لجنة سوق المدينة على كل الأسواق حتى تصبح كاشتراطات لكل هذه الأسواق، وتصبح اشتراطات لكل أسواق جديدة؟
ماذا أخذنا من اللجان؟
لجنتا حريق الإعلام مثلاً «الحكومية والنيابية» حتى الساعة من غير مخرجات، ولم تخرج للرأي العام بأية نتائج للتحقيق، أعتقد أن اللجنة الحكومية أفضل بكثير من النيابية، وأتوقع أنها أسرع وأكثر جدية، فهل تمت تغطية وإخفاء ما توصلت إليه لجنة حريق الإعلام بسبب اكتشاف أمور معينة؟
أخشى أن تتحمل وزارة الداخلية ممثلة في الدفاع المدني حملاً ثقيلاً في القادم من الأيام، أكثر من حملها التي تتحمله منذ فترة، فقد أصبحت الحرائق ظاهرة، هذا بخلاف حرائق الإرهاب وحرائق التخريب المتعمدة.
تحمل الدفاع المدني فوق طاقته ربما يأتي، لأن هناك شعوراً أن الحرائق قد تكون خلاصاً لأمور بعينها، ولقضايا بعينها، ولإقرار مشاريع بعينها، من هنا نخشى أن يحمل الدفاع المدني فوق طاقته.
هل هناك من يدرس توصيات كل اللجان التي شكلت من بعد الحرائق، ليضع تصوراً كاملاً شاملاً لكل الأسواق، وأن يبدأ تطبيقه قبل أن تحدث كوارث في الحرائق في أسواق أخرى، أو جديدة؟
هل تضع إدارة الدفاع المدني والبلديات، والصناعة والتجارة، والصحة، والبيئة كل هذه الشروط كقاعدة بيانات واشتراطات لكل سوق جديد صغيراً كان أو كبيراً؟
ظاهر الحرائق ليست طبيعية في تقديري، تحتاج إلى وقفة، وإلى أخذ رأي ضباط الدفاع المدني وتحقيقاتهم بعين الاعتبار، وأن يسمع للناس الذين تعرضت محلاتهم للحرائق، حاولت أن أقنع نفسى أن هذه الحرائق حوادث عرضية لكني فشلت في ذلك..!!
رجال الدفاع المدني يستحقون الشكر
للأمانة فإن جهود إدارة الدفاع المدني كبيرة في الفترة الأخيرة ويستحقون الإشادة والتكريم، فقد تعرضوا للمخاطر، ولا يوجد خطر أكبر من الحريق واللهب والنار، وهؤلاء الرجال والشرطيات عرضوا أنفسهم للخطر من أجل ألا تمتد الحرائق إلى مناطق واسعة، فلهم الشكر ولهم التقدير على جهودهم الواضحة.