ما حدث لمقال يوم الخميس الماضي كان أمراً مفاجئاً لي «هل هذه صورة مستقبل البحرين»، لم أكن أتوقع أن يحدث ذاك العمود كل تلك الضجة، فقد حدثني مسؤولون بالصحيفة فقالوا ماذا يحدث اليوم؟
إن ما يحدث اليوم (الخميس الماضي) من حيث الإقبال على العمود في موقع صحيفة الوطن أمر غير طبيعي.
فقد وصل عدد القراءات للعمود 18 ألف قارئ عند منتصف اليوم، والمسؤولون بالصحيفة يقولون إن عدد التعليقات التي تكتب في الموقع فاقت طاقتهم، حيث بلغت التعليقات حتى منتصف اليوم قرابة الـ1000 تعليق، أغلبها لا يصلح للنشر كونه يحمل سباباً وشتيمة وكلاماً بذيئاً.
عندها أدركت أن هناك تحشيداً للرد على العمود من جهات معروفة بالنسبة لي، وإلا فإن ما يحدث ليس طبيعياً البتة.
حتى الساعة (من يوم السبت وقت كتابة العمود) وصل عدد قراء العمود المذكور إلى أكثر من 41 ألف قارئ، بينما وصل عدد التعليقات المنشورة 41 تعليقاً، وهذا ثاني رقم قياسي تسجله أعمدة العبد لله من بعد عمود «عطوني الميزانية وأجيب لكم أحلى زيادة» الذي بلغت عدد القراءات له 75 ألف قارئ في موقع الصحيفة وبلغت التعليقات 205 تعليقات بفضل الله ومنته، كل ذلك إنما هو توفيق من رب العباد، هو صاحب الفضل وهو الموفق وهو المسدد سبحانه فله الشكر والحمد.
أعود إلى ما أنا بصدده، فحين نتطرق لموضوع التعليم لا نتقصد أفراداً بعينهم (والله يشهد على ما نقول) إنما نكتب عن قضية خطيرة تتعلق بمستقبل البحرين، التعليم حجر الزاوية لمستقبل البحرين، وقد كتبت سابقاً عن تلك الدائرة التي يعمل عليها من يريد أن يستولي على البحرين بشكل فئوي وهي (الاستيلاء على البعثات، الاستيلاء على جامعات، الاستيلاء على وظائف التدريس في التربية وفي الجامعة، الاستيلاء على مخرجات التعليم، الاستيلاء على الوظائف العامة، ومن ثم تكتمل الحلقة بالاستيلاء على اتحادات العمال والنقابات، والجمعيات المهنية). هذه هي الدائرة التي يسعى إليها الانقلابيون، الاستيلاء على الدولة من الداخل بهدوء وبشكل تراكمي وعام بعد آخر دون أن يشعر بذلك أحد، وقد تم ذلك فعلاً وظهرت صورته في العصيان المدني وفي الاضطرابات في ساعة الانقلاب في 2011، حين سلمت الدولة البعثات، وضيعت خطة الوظائف. لماذا شنوا كل تلك الحملة على العمود المذكور، أعتقد لأنه يفضح ممارسات كبيرة تشكل صلب سياساتهم للاستيلاء على الدولة.
لماذا خرج ذات يوم المدعو علي سلمان ليقول للطلبة «اتركوا الحراك في الأرض (يقصد الإرهاب) هذه ليست مهمتكم، مهمتكم الدراسة».
قال ذلك ليس لأنه لا يريد أن يشاركوا في الإرهاب، إنما لأن الدراسة هي الهدف الأكبر، وهي كلمة حق يراد بها باطل، الدراسة أمر طيب لكل الناس، لكن ما هو الهدف خلفها؟
لماذا يرسل الولي الفقيه بعثاته للجامعة التي تعرفون في مدينة بونا في الهند؟ وما هو الهدف؟ ولماذا تخصص الجمعية الانقلابية ميزانية ضخمة لتدريس من ينتمون إليها؟ ولماذا يعلن تجار عن بعثات لتدريس أناس من مناطق بعينها؟ وهؤلاء التجار صنعت ثرواتهم الدولة.
لماذا تعقد ندوات وفعاليات من بعد خروج نتائج الثانوية العامة تستهدف البعثات وتشن هجوماً عنيفاً على الوزارة؟
لماذا تبدأ الصحيفة الصفراء كل عام حملاتها على الوزارة من أجل استهداف البعثات؟ كلها تعطي صورة كبيرة للمشروع الكبير للاستيلاء على التعليم والبعثات والوظائف فهي الطريق الحقيقي للاستيلاء على الدولة من الداخل انتظاراً لساعة الصفر، وهي الساعة التي تشبه ساعة الصفر في 2011. هذا من جانب، أما على الجانب الآخر فقد تم الاستيلاء على معاهد التعليم أيضاً بخطة استراتيجية وبميزانيات من الدولة، حين كان الوزير عراب السوء، وعراب مؤامرات الانقلابيين هو من يقود ذلك، وهو الذي نفذ الخطة، حتى خرجت فضيحة مبالغ الملايين التي تخصص للتدريب وبلعت فجأة.
كتبت سابقاً، إن لم يصحيكم من نومكم ما حدث في العام 2011، فإن لا رجاء منكم أن تصحوا، أو يأتي شيء ليصحيكم، إن لم تفيقوا من أوهامكم كدولة، فإنكم لن تفيقوا أبداً بعد اليوم.
المؤامرة على الدولة بدأت من البوابة الصغيرة في تلك الأعوام الماضية، منذ السبيعنيات، كانت في ساعتها بوابة صغيرة، اليوم هي البوابة الكبيرة من بعد أن نجح مشروع العجوز التي كانت ترسل البعثات على أساس طائفي والدولة تتفرج.
هناك أزمة كبيرة نشاهدها بأم أعيننا في المدارس وفي التعليم وفي معاهد التدريب، فلا يكفي أن تنقل الإدارة إلى وزارة أخرى، بينما كل الأدوات بقيت كما هي. حب البحرين الحقيقي يبدأ من قرارات كبيرة أو صغيرة لحفظ حقوق الناس في التعليم من مرضى النفوس، ومن إعطاء كل ذي حق حقه من أي طائفة أو ملة كانت، هذا ما نريده، نحن لا نريد أن يبخس حق أحد هو يستحق أن يحصل على بعثة، إنما نريد التحقق ممن تم ترفيع معدلاتهم لأسباب تعرفونها من أجل الحصول على البعثات.
لسنا نريد ظلماً لأحد، هذا والله لا نريده، إنما لا ينبغي السكوت عن الظلم الذي يقع على أناس كثر، فقد عرفت اللعبة، (اللعبة تقوم على ترفيع المعدلات بشكل كبير في الأول ثانوي، فإن ارتفعت من الصعب أن تهبط، والعكس).
المسألة لا تتعلق فقط بالامتحانات والدرجات، المسألة تتعلق بما يجري في الأول ثانوي من ترفيع للمعدلات.
رذاذ
يا دولة، يا من ترون ما لا نرى نحن، يا من تحدث المؤامرات تحت أعينكم وأنتم شاهدون ولكنكم لا تبصرون، نقول لكم أوقفوا الاستيلاء على كل العملية التعليمية التي أدت إلى الانقلاب، شددوا الرقابة على المعدلات والدرجات وتسريب الأسئلة من أطراف غير أمينة.