تابعت خبراً نشر بالصحافة البحرينية قبل فترة عن قيام مدير المرور، الرجل الفاضل الشيخ ناصر بن عبدالرحمن الخليفة، بزيارة إلى بريطانيا تتعلق بالاطلاع على التجربة البريطانية في المراقبة المرورية، وعقد اجتماعات مع المسؤولين هناك من أجل التعاون بين البحرين وبريطانيا في مجال الإدارة المرورية.
هذا الخبر جيد جداً؛ وأعتقد أن الزيارة موفقة إذا ما كان السبب هو أخذ التجربة البريطانية لتطبيقها في البحرين من بعد أن أصبح حالنا هنا يرثى لها تماماً في الانضباط المروري والأخلاقي في الشارع.
غير أني كنت أتمنى قبل ذلك لو أخذنا تجربة شرطة مرور دبي وأبوظبي «ولا أدري إن تم أخذ تجربة شرطة مرور دبي، أو أبوظبي فلم أقرأ خبراً عن ذلك» فقد طور الإخوة في الإمارات التجربة الإنجليزية والتجارب الأوروبية والأمريكية بحيث تتواءم مع سلوك السائقين في الخليج، ونوعية المخالفات، وطرق الضبط والمراقبة المرورية التي تحتاجها شوارعنا.
بالأمس نشر خبر عن إحصائيات الحوادث بالعام الماضي، فقد جاء أن هناك 86 حالة وفاة حصلت بسبب الحوادث المرورية، ولا أعلم كم تشكل هذه النسبة من حجم الوفيات التي حدثت للمواطنين في العام الواحد، سواء كانت حوادث أخرى غير مرورية أو وفاة طبيعية.
إلا أن الرقم كبير وقفز بشكل لافت، وهذا يستوجب وضع تدابير قوية وصارمة من قبل المجلس الأعلى للمرور برئاسة الرجل الفاضل وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله ومن قبل مجلس الوزراء الموقر.
هناك مشكلة مرورية حقيقية بالبحرين، علينا أن نعترف بذلك، وأن نضع الخطط العلمية لمواجهة الانفلات المروري بالبحرين سواء باستخدام التقنيات الحديثة أو بزيادة أفراد رجال شرطة المرور وتدريبهم وتزويد مركباتهم بكافة التقنيات المستخدمة في الدول المتقدمة.
قرأت خبر إقرار مجلس الوزراء الموقر لخطة تطوير الكاميرات المثبتة بالشوارع من أجل مراقبة حركة السير، وأعتقد أيضاً من أجل مراقبة الانضباط المروري، وكذلك تطوير غرف المراقبة المرورية.
هذا الأمر جيد حتى وإن كان متأخراً، فحتى شرطة مرور المملكة العربية السعودية برغم المساحات الكبيرة وعدد السكان إلا أنهم طوروا العمل لمراقبة الشوارع بشكل ممتاز، ويجب أيضاً الاستفادة من التجربة السعودية.
يأتي كل ذلك مع إقرار قانون المرور الجديد من قبل المجلسين، والموافقة السامية من قبل جلالة الملك على إصداره، بانتظار اللائحة التنفيذية للقانون.
قانون المرور أثار جدلاً من حيث أن هناك الكثير المؤيد لصرامة القانون، وهناك أيضاً الكثير الممتعض بسبب ازدياد قيمة المخالفات المرورية بشكل كبير، وازدياد عقوبة الحبس أيضاً، بمعنى أن مع ازدياد عقوبات الحبس سيصبح لدينا أصحاب سوابق بسبب عقوبات الحبس في قانون المرور..!
تقلق الناس ظاهرة تخطي الإشارة الحمراء التي أصبحت ظاهرة خطيرة، فقد بدأت ظاهرة تخطي الإشارة الحمراء ليلاً في بادئ الأمر، والآن تطورت إلى تخطي الإشارة الحمراء في عز النهار، وأعتقد أن الجميع يلاحظ ذلك، وهذا يتطلب تدخلاً سريعاً من إدارة المرور لوقف هذه الظاهرة التي تتسبب في حوادث مميتة.
هناك تجربة جيدة أقرتها المحافظة الجنوبية في شهر رمضان ولاقت استحسان الناس، وسهلت من الانسياب للحركة المرورية، فقد تم تدريب رجال شرطة المجتمع «بدل لدوارة من غير سالفة في سيارات أجار» على مساعدة الناس من أجل ضمان انسيابية أكبر داخل الأسواق في منطقة سوق الرفاع، وهذا أيضاً ساهم في تقليل ظاهرة «الدبل بارك المزعجة جداً» هذه الظاهرة أخذت أيضاً تنتشر بقوة في الأسواق في كل المحافظات، فتجد السائق أو السائقة يسد الطريق العام وينزل من سيارته للذهاب إلى المحلات التجارية أو المطاعم، ويترك عباد الله خلفه لا يستطيعون المرور.
هذه الظاهرة مزعجة للغاية وأخذت تتسبب بقضايا الشجار بين السائقين، لذلك فإن تجربة المحافظة الجنوبية في شهر رمضان كانت تجربة ممتازة ويمكن تطويرها.
من هنا نقترح على الرجل الفاضل وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله أخذ تجربة المحافظة الجنوبية وتطويرها والبناء عليها، لكافة المحافظات وأماكن الأسواق العامة والشوارع التجارية التي تشهد اكتظاظاً كبيراً منذ الصباح وحتى منتصف الليل.
على أمل أن تختفي ظاهر «الدبل بارك المزعجة، وحبذا لو أعطيت صلاحيات المخالفات المرورية لمنظمي الطرق بالأسواق».
أمس أعلن وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله عن تدشين مقترح جميل جداً، وهو تشكيل فرق من المتطوعين تساند وتدعم فرق الدفاع المدني، وهذا المشروع جميل ورائد، وأعتقد أن مشروع المحافظة الجنوبية لتنظيم شوارع الأسواق كان أيضاً مشروعاً جميلاً يستحق التطوير والتعميم والإقرار من الوزير الفاضل.
معدلات حوادث الوفاة، والحوادث الخطيرة والبليغة أصبحت مقلقة، وهي تشكل ظاهرة تحتاج للعلاج من أجل تقليل الخسائر في الأرواح والإصابات، ناهيك عن الخسائر المترتبة على الاقتصاد جراء هذه الحوادث.
غير أن موضوع الحوادث والوفيات لا يتعلق فقد بالانضباط المروري، أو بالحد من ظاهرة السرعة وتخطي الإشارة الحمراء، وإنما نحتاج إلى أن يتم تعيين شركة متخصصة خارجية تدرس وضعية تصاميم الطرق بالبحرين، وأماكن تكرار وقوع الحوادث، وهل تصاميم الطرق الحالية تساهم وتتسبب في وقوع الحوادث؟
وهل هناك «كباري» بالبحرين تم تصميمها بشكل لا يتوافق مع السلامة المرورية وبالتالي تشكل نقطة لتكرار الحوادث؟
التعويل على أخلاقيات السائق البحريني أصبح شيئاً من الماضي، مع كثرة الوافدين، فمن بعد أن كنا مضرب مثل للأخلاق في السياقة أصبحنا اليوم في آخر الركب، وهذا يتطلب إحكام القانون، فالقانون كفيل بتقويم السلوك والأخلاق.
ما نحتاجه إلى إعادة الانضباط المروري هو أن تحدث ثورة تصحيحية في إدارة المرور، وهذا يتطلب من وزارة الداخلية تلبية كافة احتياجات إدارة المرور البشرية والتقنية، فنحن لا نقبل أن يصف إخوتنا بالخليج وضعنا المروري بالمتخلف، حتى إنهم يقولون لنا ماذا أصابكم في البحرين، كنتم مضرب مثل بالنسبة إلينا..؟
** رذاذ
رغم بعض الإجراءات التي حدثت من قبل وزارة الأشغال للحد من ضعف الحواجز على «الكباري» من بعد الحوادث المميتة وسقوط السيارات، إلا أنه مازالت هناك «كباري» لم يتم الالتفات إليها، وهذا يرجعنا إلى ما طالبنا به سابقاً من القيادة بدراسة وضع كافة الحواجز وتقويتها حتى لا تقع حوادث مؤسفة وتسقط السيارات من فوق «الكباري».
اللجان التي شكلت لدراسة الحواجز على «الكباري» تحتاج إلى متابعة وأن تخرج إلى الرأي العام بتوصياتها، وإلا فإننا ننتظر حوادث مؤسفة أخرى قد تقع في أي لحظة.
** هناك أمر دقيق أشعر أن أي مواطن يمكن أن يلاحظه بشيء من التحليل والرصد، فما حدث ويحدث من استهتار بقوانين المرور جاء بشكل أكبر بعد أحداث 2011.
بمعنى أن الخلل في تطبيق قوانين الدولة الأخرى، ألقى بظلاله على حالة الاستهتار بقانون المرور، وبأخلاقيات السائق البحريني.
حين تحزم الدولة أمرها وتشد الوثاق وتطبق القانونين على الجميع في كافة مناحي الحياة، فإن هذه الحالة العامة ستجعل المواطن والمقيم يدرك أن الاستهتار بأي قانون «المرور أو غيره» يجعله تحت طائلة العقوبات، وبالتالي سيحسب ألف حساب لتجاوز قانون المرور تحديداً..!
** خروج بعض المناطق عن سيطرة القوانين، جعلها تخرج أيضاً عن سيطرة قوانين المرور، وهذا لا يجب أن يحدث، ولا ينبغي أن تقوم إدارة المرور بتطبيق القوانين على مناطق دون أخرى، وذلك بسبب الإرهاب، كلا الأمرين منوطان بوزارة الداخلية، فالانضباط المروري يجب أن يشمل كافة المحافظات والطرقات، ويجب قطع دابر الإرهاب في كل مكان حتى يمكن لرجال المرور أن يطبقوا قوانين المرور.