نصل إلى الخلاصة أو «الزبدة» كما يقولون وهي أن هناك حماية للمستهلك في الوقت الحاضر، ولكنها حماية محدودة تتمثل في تقديم دعم بملايين الدنانير لثلاث سلع هي اللحوم الحمراء والبيضاء والطحين، وهو دعم يذهب هباء للأسباب التي ذكرناها يوم أمس...كما أنه دعم شاذ إذا ما قارنا أنفسنا مع دول مجلس التعاون الأخرى والأغنى منا بكثير والتي لا تقدم أي نوع من الدعم إلى السلع الثلاث المذكورة...
الجانب الآخر من الحماية التي تقدمها الدولة للمستهلك يتمثل في علاوة الغلاء أو الدعم المالي كما سميت مؤخراً جرياً على عادة وزارة التنمية الاجتماعية في تغيير المسميات تهرباً من الاعتراف بحقائق الأمور على الأرض، فبنك الفقراء الذي جاء بفكرته وتسميته محمد يونس من بنغلاديش إلى البحرين، غيرت الوزارة اسمه إلى بنك الأسرة حتى لا يشير الاسم إلى أن في البحرين فقراء متناسية عدد 30 ألف أسرة مسجلة في قوائمها تتلقى معونات شهرية تتراوح بين 60 و 120 ديناراً لمساعدتها باعتبارها أسراً فقيرة.
وعلاوة الغلاء التي أقرت تسميتها بداية من مجلس النواب والحكومة وصرفت لعامين أو أكثر بهذا الاسهم قامت وزارة التنمية الاجتماعية بتغير اسمها إلى علاوة الدعم المالي حتى لا يظن أحد داخل البلاد وخارجها أن البحرين تعاني من غلاء الأسعار، وكأن هذه الوزارة بتعاطيها بأسلوب النعامة تستطيع أن تطمس الحقائق على الأرض.
علاوة الغلاء هي الأخرى والتي تتراوح بين 50 و 70 ديناراً شهرياً تقدم دعماً ضئيلاً لدخل أو راتب الأسرة التي يقل دخلها الشهري عن ألف دينار، وقبل ذلك قيل 1500 دينار وفي مرحلة سابقة قيل 700 دينار، وفي كل الأحوال وحالات التخبط التي تعيشها الدولة ممثلة في الحكومة ومجلس النواب بشأن مستوى دخل الأسرة الذي يكفيها لمجابهة متطلبات وتكاليف المعيشة فإن أقل الأرقام الثلاثة وهو 700 دينار يمكن أن يكون هو الحل في توفير حماية المستهلك فيما لو تم الاعتراف به كخط فقر أو حد أدنى شهري للأجر الذي يتقاضاه رب الأسرة البحرينية، وهو الاعتراف المرفوض من قبل وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة العمل والحكومة.
حماية المستهلك لا تحقق بالتفاخر أن «أسعار السلع الغذائية في البحرين الأرخص خليجياً وربما عالمياً» اعتماداً على أسعار السلع الثلاث المدعومة، ولا تتحقق بتقديم علاوة غلاء غير مدروسة وغير معلوم مدى سدادها للفجوة بين معدل دخل الأسرة واحتياجاتها الأساسية الشهرية، وإنما تتحقق فقط إذا ما اتخذت السلطتان التشريعية والتنفيذية قراراً مشتركاً ومتزاوجاً يقضي أولاً بإعطاء الدعم النقدي إلى مستحقيه كأفراد وأسر، وليس إلى الشركات والسلع مباشرة، ومن ثم زيادة أجور المواطنين في القطاعين العام والخاص ممن يتلقون اليوم علاوة الغلاء إلى المستوى الذي يكتفون به ذاتياً عن أشكال الدعم الأخرى، فهذا ما دأب صندوق النقد الدولي على المطالبة به وهذا ما تفعله دول التعاون أيضاً وأغلب دول العالم.