قبل أن أبدأ كتابة هذا العمود حول مشكلة طلبات الإسكان؛ قرأت توصيات لجنة التحقيق البرلمانية بشأن الطلبات الإسكانية، وقرأت تصريحات وزير الإسكان الأخ الكريم باسم الحمر، أتوقف أولاً مع توصيات اللجنة البرلمانية وسآتي على تصريحات الوزير لاحقاً.
أعدت لجنة التحقيق البرلمانية 9 توصيات تطالب بها وزارة الإسكان، وللأمانة أغلب ما جاء في التوصيات هي ما يطالب به المواطن.
أول هذه التوصيات أهمية فصل راتب الزوجين، وإلغاء سقف 900 دينار (وكان الشرط السابق إذا تخطى راتب المواطن 900 دينار يسقط من خدمة الحصول على بيت إسكان) وهذا أيضاً شرط مجحف لحصول المواطن على بيت إسكان.
المشكلة التي جعلت الناس تخرج عن صمتها أن أغلب من تقدموا للحصول على بيت إسكان كان راتبهم (وقت تقديم الطلب) أقل من 900 دينار، لكن البعض درس وترقى في العمل، والبعض زاد راتبه بضعة دنانير، فتخطوا حاجز الـ900 دينار وسقطت أسماؤهم من خدمة بيت الإسكان، وهذه مشكلة كبيرة.
في تقديري فإن تأخير الحصول على خدمة إسكانية هي مسؤولية الدولة، التأخير ليس مسؤولية المواطن الذي ينتظر سنوات فيتخطى راتبه 900 دينار، وبعد كل هذا الانتظار يسقط اسمه من حق بيت الإسكان.
لذلك فهناك خطوات يجب أن تتم حالياً:
أولاً: يجب أن يرفع سقف 900 دينار، واللجنة وضعت 1200 دينار كسقف.
ثانياً: يجب أن ينظر في الطلب وقت تقديم الطلب، وليس بعد 10 سنوات، من ثم يقال للمواطن سقط اسمك لأن راتبك تخطى الـ900 دينار، هذا ظلم واضح فاضح تتسبب به القوانين والتشريعات.
هذان أهم الشروط اللذان يحتاجان إلى تعديل، مع أن التوصيات الـ9 كلها جيدة، وربما تحتاج إلى توصيات أخرى.
قبل أن أتوقف مع تصريحات وزير الإسكان، أريد أن أطرح أسئلة على الجهات التالية؛ السادة النواب في لجنة التحقيق البرلمانية، الأخ وزير الإسكان، والحكومة الموقرة.
السؤال هنا، وقد طرحته ذات مرة في هذا المكان؛ هل تعرف الجهات أعلاه من هم الذين يسقطون (من حق البيت) حين تطبقون الاشتراطات السابقة؟ هل تعرفون أو لديكم إحصاءات حول الفئات التي تسقط من حق بيت الإسكان باشتراطاتكم؟
هل هناك من فكر في هذا الأمر، القوانين جامدة وليس بها عقل ولا روح، بالعقل والروح البحرينية نقول؛ أنتم تسقطون أناساً بعينهم من هذه الخدمة وتجعلونها إلى أناس آخرين، وهذه كارثة على مستقبل البحرين.
بقليل من التفكير وبقليل من التمحيص وإحصاء ما تفعله تشريعات بعينها، هو استثناء أهل البحرين من حق بيت الإسكان، ونقول له اذهب وابق معلقاً في شقة إسكان؛ فبيت الإسكان للآخرين..!
إن كانت هذه الصورة ليست أمامكم، فإن من واجبنا كصحافة أن نسلط الضوء على ما نقول، إزاحة أعداد كبيرة من حق بيت الإسكان وحصره على آخرين إنما أنتم تذهبون بالبيوت الإسكانية إلى فئات وتحجبونها عن فئات.
نرجوكم انظروا إلى الصورة بشكل أعم وأشمل، القوانين جامدة ولا ورح فيها.
قرأت تصريح الأخ وزير الإسكان أمس حول مشكلة الطلبات الملغية، ومشكلة سقف الـ900 دينار وفصل راتب الزوجين.
ما خلصت إليه من تصريح وزير الإسكان؛ أنه كوزير ملتزم بالقانون والتشريعات القائمة حالياً، بمعنى أنه لا يستطيع تجاوز القانون فهناك مؤسسات رقابية، وأن ما تطبقه الوزارة إنما هي تطبق القانون.
هذا محور تصريح وزير الإسكان، من هنا فإنني أتمنى أن أكون مخطئاً في هذه المعلومة، فإن هذه الاشتراطات قد وضعت أغلبها من قبل مجلس النواب سابقاً، بمعنى أن جزءاً من هذه المشكلة هو ما أقره مجلس النواب سابقاً، بينما هم اليوم يطالبون بتغيير هذه الاشتراطات.
الموضوع الآخر هو أن ما نحتاج إليه اليوم هو إما إصدار قانون جديد أو تعديل القانون الحالي حتى يتسنى لوزارة الإسكان أن تعمل من خلاله، وإلا فإن كل ما يطرح إنما يدخل في باب الأمنيات.
وإن كانت مخرجات وتوصيات لجنة التحقيق البرلمانية ستعدل القانون فهذا جيد، وإن كانت مجرد توصيات، فأعتقد أن التوصيات لن تكون ملزمة بشكل كبير كما القانون.
أعود إلى النقطة التي أجدها مهمة للغاية ويجب أن يطلع عليها صانع القرار؛ من هي الفئة التي سيسقط أغلبها من التشريعات الموضوعة؟ من هم المستفيدون من هذه الاشتراطات؟ وهل هذا الأمر يرضي صاحب القرار؟
من وضع هذه الاشتراطات وكأنه قد أخذ بيوت الإسكان باتجاه معين، وهذا خطر على مستقبل البحرين وعلى الدوائر الانتخابية، فهل هناك من يرى أبعد من الصورة الحالية وأبعد من الاشتراطات الحالية؟
صورة مستقبل البحرين يجب أن تحضر في كل تشريعاتنا وقوانيننا التي نضعها، وأجد أن ذلك غائب.