العيد أحد المواثيق الإسلامية التي أوجدها الله بينه وبين عباده، العيد ميثاق فرح وحب وتلاحم ورحمة وجسر ممتد يصل كل أولئك الذين خطفتهم ظروف الحياة عنا وأشغلتهم واشغلتنا، فيه تتدفق أجمل مظاهر التواصل الاجتماعي بين الناس لتؤكد مفاهيم الإسلام الصحيحة ومبادئه.
لذا فالشاذ عن ميثاق العيد هو من يحاول تدنيس هذه الأجواء بمظاهر الشر من قتل وإرهاب وترويع للمسلمين الآمنين، ولمن يظل يخطط ويدبر دائماً لإيقاع ضحية خلال هذه المناسبات الإسلامية السعيدة، وسكب دمائها لأجل أن تكون كمسمار جحا وعذراً في الاستمرار في مهرجانات الشر والظلم طيلة أيام العيد.
سنة وشيعة البحرين دأبوا على استقبال العيد بالتزاور والمباركة لبعضهم البعض، وتناول الطعام في صحن واحد، فموائدهم كانت لغة الحب ولغة تعكس وحدتهم الوطنية ومدى ما يتميز به المجتمع البحريني من تكافل اجتماعي حميم وتعايش طائفي جميل، غير أن من دس السم في العسل وفرق بينهم أراد ذلك لأجل إحياء مواثيقه الخاصة لا مواثيق الله سبحانه.
الشيطان أوحى إلى آدم أن يأكل التفاحة ليخرج من الجنة إلى الدنيا، والشيطان البحريني يوحي دائماً خلال هذه المناسبات للمغسولين دماغياً بأجندته بأكل دماء أخوانهم في الدين والوطن والاعتداء عليهم وإفساد بهجتهم وتعطيل أفراحهم، لأجل أن يخرجهم من نعيم جنة الأمن والأمان التي أنعم الله بها علينا إلى دنيا التفرقة والكراهية والظلم والاعتداء الآثم.
هؤلاء الشواذ مع تبني العديد من أتباعهم ممن لا يتدبرون في معاني العيد وبهجته كثروا وباتوا يظهرون أكثر خلال هذه المناسبات الهامة علينا نحن كمسلمين، لم يعد مرور العيد في محطات حياتهم فرصة لمراجعة النفس والتصالح معها واليقين بأن دعوات شياطينهم وشواذهم لا شيء أمام دعوات الله سبحانه وتعالى بإحياء شعائر العيد من تزاور وتواصل وبذل الصدقات، وأمام منحه الفرص لهم الواحدة تلو الأخرى علهم يتوبون ويهتدون ويسترشدون مع مرور هذه المناسبات والمحطات إلى المعنى الحقيقي للإسلام والهدف السامي لمناسباته.
هناك من صام شهر رمضان كاملاً ونور الله بصيرته وهو يتدبر القرآن وآياته، وجدد فيه حب التوفيق لكسب رضا الله وحسناته ليفطر على الفرح، وهناك من لم يروضه الصيام ويفقه ويعيد إليه رشده للتفكر في مسمى «مسلم» الذي يحمله، فبات طيلة رمضان يصوم عن فعل الخير بالتخطيط والاعتداء والشر، وبات يجتهد لأن يفطر على إيقاع الأذى للآخرين وسكب دمائهم.. دماء ممن يشاطرونه الدين والوطن.. فرمضان بالنسبة إليه ليس صوماً عن الطعام والشراب فحسب؛ بل صوماً أيضاً عن مواسم الخير وما تحمله من بركات وحسنات.
فنحن في زمن بتنا نرى فيه المسلمين فرقاً متناحرة متفرقة، منهم من يجتهد في العبادات طيلة رمضان ويرى محطة العيد رمزاً لشكر الله على تمام الصيام والقيام وبلوغ رمضان كاملاً، ومنهم من يكمل العيد ولا يضع في البال شكر الله، بل شكر أجندة هؤلاء الشياطين والشواذ ومعايدة أهوائهم بارتكاب الأعمال الإجرامية ضد المسلمين ميدانياً.
العيد محطة للتأمل وشكر الله على نعمة مداد العمر لنا وبلوغنا إياه، مقابل اختياره لكثير ممن توفاهم قبل بلوغ شهر رمضان، والعيد علنا نسترشد ونتيقن بأن هذه «عيدية» من الله سبحانه، خصها لنا نحن وأنعم بها علينا تحمل في باطنها فرصاً عديدة للعودة إليه والتوبة والالتزام بما أمرنا به نحو أنفسنا ونحو أخوتنا المسلمين.
العيد «اجتماعياً» فرحة تواصل ودينياً فرحة لإتمام العبادات والطاعات، لذا نجد في العيد القلوب تتشح بهجه وسعادة إلا على أولئك الشاذين عن مظاهر الفرح الذين قلوبهم لا تلين ولا تتوب ولا تحن إلى العودة إلى الله، وترفض إحياء مظاهر الفرح وإشاعة الحب خلال العيد، ولا تتفقه بأنه كما لدينا عبادة التزاور العائلي والتواصل مع الأرحام خلال العيد لدينا أيضاً عبادة الإحسان والمودة والخير تجاه العائلة الأكبرعائلة المسلمين فكل المسلمين أخوة في الله.