من المعروف أن الأزمة التي مرت بها البحرين لها أسس ومعطيات ونتائج، وقد كانت وزارة الداخلية هي حجر الزاوية في هذه الأزمة، حيث استطاعت إلى حد كبير السيطرة على زمام الأمور، وتمتعت بدهاء وقدرة على استيعاب الأمور الأمر الذي منعها، بعد فضل الله على قيادة وشعب مملكة البحرين، من ابتلاع الطعم في العديد من المواقف.
إن وزارة الداخلية قبل 2011 تختلف تماماً عما هي الآن، لقد ساهمت هذه الأزمة في رفع مستوى التعامل الأمني بشكل حرفي، فأصبحت الداخلية أقوى بكثير من ذي قبل، وزادت مداركها في كيفية التعامل مع الحدث على المستوى الداخلي والخارجي، فهي ليست وزارة بوليسية فحسب، بل أصبحت وزارة تعنى بمختلف قطاعات الأمن القومي، وتدرس الأحداث من منظور أمني وسياسي واقتصادي، وزاد ارتباطها ببقية أجهزة الدولة بشكل وثيق. لقد شهدت وزارة الداخلية نقلة نوعية في إعادة تأهيل ذاتها، فقد كان المتربصون بالوطن يراهنون على سقوطها في فخ «العنف المفرط»، أو «المعاملة اللاإنسانية» أو «التعذيب» أو.. إلا أنها سرعان ما عالجت أوجه القصور وخرجت أقوى من ذي قبل لتعيد هيكلة عملياتها وفق معايير دولية تقطع الطريق على دكاكين حقوق الإنسان التي أثبتت تجربتنا معها أنها تحمل أهدافاً ظاهرها مزين بالشرف وباطنها مسيس.
في لقاء وزير الداخلية الأسبوع الماضي، تطرق الحديث إلى ضرورة اتخاذ إجراءات لوضع حد لتلك المنظمات التي تتاجر بحقوق الإنسان، وقد كان رد وزر الداخلية الفريق ركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة أن تأثير هذه المنظمات كان قوياً بداية الأزمة، بسبب الهجمة الإعلامية التي واجهتها المملكة في البداية، إلا أننا في الوقت الراهن، أصبحت الأمور مكشوفة للعيان، ولم يعد تأثيرها كالسابق.
نعم فالحق لا يمكن طمسه طويلاً، وبفضل الصبر على الأزمة، ومواجهتها بمختلف السبل، استطاعت المملكة أن تتجاوزها وتخرج منها أقوى من ذي قبل.
الأهم من ذلك الآن، يجب أن يعلم المواطن، أن الدعوة للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة ليس دعوة عادية، بل هي معركة جديدة للوطن، قد تكون هذه المرة معركة أقوى من سابقاتها، إذا ما كانت نسبة المشاركين فيها أكبر فهذا يعني انتصاراً للوطن ككل، لذلك نستغرب من دعوات البعض للمقاطعة، فالأمر يتعدى موضوع الإحباطات أو الإنجازات التي حققها مجلس النواب.. الأمر أكبر من ذلك بكثير.
هناك كلمة لخص فيها وزير الداخلية الصورة المستقبلية، قال: «إننا مقبلون على مرحلة هامة جداً يجري فيها الحديث عن أجواء الانتخابات البرلمانية والبلدية والتي ستجري بإذن الله نهاية هذا العام، وهنا نأمل من الجميع المشاركة الفاعلة فيها. وفيما يتعلق بالحوار فهنالك رأيان، رأي متشدد وآخر معتدل توافقي، فإذا طغى الرأي المتشدد احتجنا مع ذلك إلى مزيد من الوقت، وقد تكون هناك خسائر ومواقف غير متوقعة. وفي حالة تقدم الرأي المعتدل حصلنا على توافق وطني واستكملنا المسيرة. والبحرين بحمد لله وبفضل قيادتها الحكيمة وإرادة شعبها الأصيل ماضية في طريقها نحو المستقبل».
في كلا الحالتين، سواء كانت هناك مشاركة كاملة، أم دعوات للمقاطعة، فلا سبيل للمواطنين الحريصين على وطنهم إلا المشاركة في الانتخابات.