أيام قلائل ممتعة قضيتها في ربوع العاصمة الاتحادية «أبوظبي» في زيارتي لها للمرة الأولى قبل أسبوع أو أقل، وقد هالني ما بلغته من تطور ونماء كبيرين على المستوى الاستثماري والعمراني وكذلك العلمي!!
في زيارة عاجلة أجريتها لـ«مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية»، تعرفت على آليات عمل المركز وما يشتمل عليه من قاعات متخصصة بأدوات عمل احترافية جداً، ولكم أدهشتني تلك الخدمات المتميزة التي تقدمها مكتبة اتحاد الإمارات بالمركز للدارسين والباحثين من داخل الإمارات العربية المتحدة وخارجها، وما تشمله من تسهيلات غاية في الأهمية، بما يعكس ما توليه الدولة الاتحادية وخصوصاً المركز من أهمية بالغة للبحث العلمي؛ ذلك البحث الذي بحت من أجله الأصوات في مملكة البحرين غير ألا آذان تسمع ولا أصداء تتردد.
أما أكثر ما أثار دهشتي وغازل مخيلتي طوال الوقت، وحتى بعد عودتي من الإمارات الحبيبية، «قاعة الرصد الإعلامي» بالمركز، بما تزود به قادة الدولة وكبار مسؤوليها من معلومات وأطروحات إعلامية متنوعة، فضلاً عن تحليل بعضها وتفنيد ما يحمله من أبعاد بما يسهم في صناعة القرار بمنظور أكثر اختصاصاً ودراية ووعي.
نتساءل عن أسرار الحكومة الذكية في دولة الإمارات العربية المتحدة ونراقب بإعجاب حنكة قادتها وكبار مسؤوليها، غير أننا لم نقف يوماً عند الأسباب ولا الجهود. ننظر للإمارات العربية المتحدة بعين الغبطة، وربما ينظر لها آخرون بعين الحسد، دون التمعن في دواعي ذلك النماء والازدهار، دون بذل العمل والجد الذي أنفقته الإمارات من جهود أبنائها ومما خصصته لارتقائها من ميزانيات.
إن الحكومة الإماراتية الذكية لم تنشأ من فراغ، وقد كان من حكمة القيادة الإماراتية الاستزادة بعلوم شتى ومتابعة جادة للأحداث ومجريات الأمور على كافة الأصعدة، عملت بجد واجتهاد على ألا تفوتها شاردة ولا واردة إلا وجعلت منها موضع اهتمام ودراسة وبحث وتحليل وتمحيص.
لطالما لمحنا وصرحنا بضرورة البحث العلمي، لطالما وجهنا المقترحات والملاحظات لوزارة الخارجية والداخلية والإعلام والصحة ومركز «دراسات» وغيرهم كثير.
فهل كان لدينا الحق عندما طلبنا فزعة علمية للسياسة الخارجية البحرينية مثلاً؟ هل إننا بحاجة فعلية لفزعة علمية تسهم في صنع القرار السياسي والاقتصادي وكل القرارات الأخرى في الدولة؟!
أتساءل.. في ظل الشراكة والتعاون الخليجيين في مجالات شتى.. ونحن لا نملك مركزاً للأبحاث غير مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات».. هل يرقى المركز إياه للمنافسة في مجال البحث العلمي؟! بل هل يمكنه الشراكة -ولو جزئياً- في بعض ما يقدمه «مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية» من أبحاث، بل هل يمكنه التعاون مع مراكز أبحاث خليجية في تقديم إنتاج بحثي ما؟
إن مقالاً كهذا ليس غايته جلد الذات ولا توجيه أصابع الاتهام والانتقاد ولا الانتقام من أحدهم، فكلنا في مركب واحد، وبلد واحد اسمه البحرين، وكلنا نأمل ونتطلع ونجهد من أجل الارتقاء بهذا البلد وإعلاء رايته، إن مقالاً كهذا لا يبتغي النقد الهدّام بقدر ما يهدف للتبصر في إخفاقات الذات وتداركها قبل فوات الأوان، وإعادة تفعيل أدوات القوة من جديد.. مستنيرين بالبحث العلمي ومتسلحين بأدواته.. بما يسهم في صناعة قرار رصين