عملية التغيير ليست مسألة بسيطة؛ إنها واحدة من القضايا المعقدة والشائكة والصعبة، فإن تغير أفكارك أو معتقداتك أو الطباع التي تعودت عليها يحتاج إلى إمكانية لا يمتلكها أغلبية الناس في العالم، بسبب بسيط جداً؛ وهو كأنك تخرج هذا أو ذاك من الأشخاص من منطقة الراحة، المنطقة التي يشعرون بالأمان فيها. أنت تعودت على شكل معين للعيش، على وظيفة معينة، حتى لو كانت هذه الوظيفة لا تحقق طموحك المادي، ولكنك تظل مرعوباً من التفكير من الخروج عن هذه الوظيفة، لأنك بهذا تخرج من منطقة الراحة التي تعودت عليها. الذين اعتنقوا أيدلوجية ما، وعادة هم أكثر من ينادي بالتغيير، لكنه تغيير أفكار الآخرين لا أفكارهم، من هنا تراهم يسفهون كل الأفكار التي يختلفون معها، لكأنهم يملكون الحقيقة كاملة، رغم أن الحقيقة نسبية أو لا يمكن أن تكتمل إلا من خلال النظر من جميع الجهات، وهذا لا يمكن أن يتم. من هنا لا وجود للحقيقة المطلقة إلا حقيقة واحدة هي وجود الله سبحانه وتعالى وخلقه لهذا الكون والأكوان الأخرى التي لن نعرفها، لكونها أكبر من العقل البشري. قرأت في الإنترنت أنه قبل فترة قامت مجموعة من العلماء وضعوا 5 قرود في قفص واحد، وفي وسط القفص يوجد سلم، وفي أعلى السلم هناك بعض الموز، في كل مرة يطلع أحد القرود لأخذ الموز يرش العلماء باقي القرود بالماء البارد. بعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يطلع لأخذ الموز يقوم الباقين بمنعه وضربه حتى لا يرشون بالماء البارد، بعد مدة من الوقت لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم لأخذ الموز، على الرغم من كل الإغراءات خوفاً من الضرب. بعدها قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة ويضعون مكانه قرد جديد، فأول شيء يقوم به القرد الجديد أنه يصعد السلم ليأخذ الموز، لكن فوراً الأربعة الباقين يضربونه ويجبرونه على النزول. بعد عدة مرات من الضرب يفهم القرد الجديد بأن عليه أن لا يصعد السلم مع أنه لا يدري ما السبب، قام العلماء أيضاً بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد وحل به ما حل بالقرد البديل الأول، حتى أن القرد البديل الأول شارك زملاءه بالضرب وهو لا يدري لماذا يضرب، وهكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة، حتى صار في القفص خمسة قرود لم يرش عليهم ماء بارد أبداً، ومع ذلك يضربون أي قرد تسول له نفسه صعود السلم بدون أن يعرفوا ما السبب. لو فرضنا وسألنا القرود لماذا يضربون القرد الذي يصعد السلم؟ أكيد سيكون الجواب: لا ندري ولكن وجدنا آباءنا وأجدادنا هكذا. عملياً هذا ما نطبقه نحن في أعمالنا وحياتنا اليومية، نبقى في الروتين خوفاً من التغيير. وضع صاحب الخبر عنواناً لهذا الموضوع وهو «كيف تصنع شعباً من الأغبياء؟». أنا أقول إنها برمجة من البرامج البشرية، ولكن في البرمجة أيضاً نستطيع أن نغير، ونقول كيف تصنع شعباً من الأذكياء، لأن الغباء الذي يتكلمون عنه هو برمجة في صالح محو العطاء الإنساني الفطري، وإذا أردنا حقاً أن نقدم شيئاً جميلاً يليق بمكانة الإنسان، فهو العمل على أفكار تساهم في تقدم الكائن البشري وبرمجته على المساهمة في تحويل الأرض إلى مكان لائق وصحي وجميل ومسالم، إن فعلنا ذلك نستطيع القول إننا جديرون بهذا العيش الكريم. أتساءل: «هل نفعل ذلك؟!».