ذكرت صحيفة ديلي إكسبريس أن نصف البريطانيين يسرقون الأفكار حول كيفية تزيين منازلهم من خلال التلصص على بيوت غيرهم من الجيران، فيما اعترف ربعهم بأنهم رصدوا جيرانهم وهم يمارسون العلاقات العائلية الخاصة جداً، ما جعل الجيران يحاولون مقاضاتهم على تلصصهم والتدخل في شئونهم الخاصة وملاحقتهم قانونياً.
فيما كشفت دراسة بريطانية حديثة أن بريطانيا هي أمة من المتلصصين، واعترف 85% من سكانها أنهم يتسللون لإلقاء نظرة خاطفة من خلال النوافذ على جيرانهم عند حلول الظلام.
ووجدت الدراسة أن الحظ لا يحالف جميع البريطانيين أثناء التطفل على جيرانهم، وأقر 50% منهم أنهم اضطروا للاختفاء فجأة بعد أن رصدهم جيرانهم وهم في حالة تلصص.
وأكدت الدراسة: «أن أكثر من ربع المبحوثين استدعوا الشرطة بعد أن شاهدوا أشياء مريبة أثناء التلصص على جيرانهم عبر النوافذ».
وأشارت تلك الدراسة إلى أن البريطانيين سريعون في إصدار الأحكام، واعترف نحو 60% منهم بأنهم يصدرون أحكاماً على الناس من خلال ما يرونه.
وأعرب البريطانيون عن رأيهم حول المنزل الذي يفضلون التلصص عليه من نوافذهم، فقد اختاروا أولاً منزل ديفيد وفيكتوريا بيكهام، وجاء منزل براد بيت وأنجلينا جولي في المرتبة الثانية، ومنزل الأمير وليام وكيت ميدلتون بعد الزواج في المرتبة الثالثة.
لكن ماذا عنا في البحرين أو الخليج أو الوطن العربي فالكثير من الجيران ابتلاهم الله سبحانه وتعالى ببلوة «الفضول»، وهي المرض الذي يعاني منه الكثيرون ولا علاقة لمستوياتهم التعليمية أو الثقافية أو حتى الوظيفية فلا تقول إن فلاناً من الناس رجل ميسور الحال وعايش لبيته وماله وعياله، فلا تخاف إلا من هذا الميسور الحال الذي يملأ عادة قلبه الحسد للآخرين، ولا ينظر لهم بعيون المحبة والرضا بقدر الكره والتمني بأن يجدهم في حال أسوأ مما هم عليه، لكن هل معنى ذلك ما يعانيه من مرض نفسى ابتلي به ويريد بأن يرميه على الفقير المرتاح البال والقنوع بما ظهر به من الدنيا.
قد يكون ذلك جزءاً كبيراً من الجواب عند كونفوشيوس هو أول فيلسوف صيني يفلح في إقامة مذهب يتضمن كل التقاليد الصينية عن السلوك الاجتماعي والأخلاقي وفلسفته قائمة على القيم الأخلاقية الشخصية وعلى أن تكون هناك حكومات تخدم الشعب تطبيقاً لمثل أخلاقي أعلى، تعاليمه وفلسفته قد تأثر بعمق الفكر والحياة الصينية والكورية واليابانية والتايوانية والفيتنامية وصار يلقب برسول المحبة والتسامح في الصين.
كونفوشيوس رجل محافظ في نظرته إلى الحياة فهو يرى بأن العصر الذهبي للإنسانية كان وراءها، أي كان في الماضي، وهو لذلك كان يحن إلى الماضي ويدعو الناس إلى الحياة فيه، ولكن الحكام على زمانه لم يكونوا من رأيه ولذلك لقي بعض المعارضة، وقد اشتدت هذه المعارضة بعد وفاته ببضع مئات من السنين، عندما ولي الصين ملوك أحرقوا كتبه وحرموا تعاليمه، ورأوا فيها نكسة مستمرة لأن الشعوب يجب أن تنظر أمامها، بينما هو يدعو الناس إلى النظر إلى الوراء، ولكن ما لبثت تعاليم كونفوشيوس أن عادت أقوى مما كانت وانتشر تلاميذه وكهنته في كل مكان واستمرت فلسفة كونفوشيوس تتحكم في الحياة الصينية قرابة عشرين قرناً، أي من القرن الأول قبل الميلاد حتى نهاية القرن التاسع عشر بعد الميلاد.
من أقواله الفلسفية: «إذا لم يكن من عادة الشخص أن يقول: ماذا أرى في هذا؟ فإني لا أستطيع أن أفعل له شيئاً وإني لا أفتح باب الحق لمن لا يحرص على معرفته، ولا أعين من لا يعنى بالإفصاح عما يكنه في صدره وإذا ما عرضت ركناً من موضوع ما على إنسان، ولم يستطع مما عرضته عليه أن يعرف الثلاثة الأركان الباقية فإني لا أعيد عليه درسي».
لكن بالعودة لنظرية التلصص فإننا نجدها تنتشر في المجتمع البحريني ليس من خلال النوافذ والسكن العزابي المجاور لبيوت العوائل المتداخلة معهم فذلك أمر طبيعي لكن الطامة الكبرى تأتي من نفس المنزل بل ومن نفس الغرفة عندما يتلصص الأبناء على آبائهم وينقلون تلك الوقائع «للربع» في المدرسة أو القهوة.. وقد تكون بالصوت والصورة ليس إلا من باب التسلية البريئة.. لماذا؟
لأن الأولاد أصبحوا شريكاً دائماً لوالديهم ينامون في نفس الغرفة، فالعائلة كبرت وتمددت جذورها وبيت الإسكان «ريض» على الوصول، والأمور تعقدت بين قرض شراء وبيت وشقة وقرض إسكان وبيت عمودي وشقة على الطريقة الصينية وأخرى على النمط الياباني تماماً كأننا في مطعم ووووووو الله يعلم عن الفلسفة الجديدة في وزارة الأسكان وكل مره تراجع طلبك يأتيك الجواب «الموضوع تحت الدراسة» أي موضوع وأي دراسة والناس صارت تدري أن الطلب مرفوض من قبل الوزير، وأن المواطن عليه أن يتعذب «رايح جاي» ويتحمل تلصص عياله عليه وإلى أن يتدخل عزرائيل ويخطف البعض من العائلة.. ستبقى تلك العبارات التي يرددها المسكين في صلواته الخمس يومياً عسى أن تفرج وينتهي الموضوع وتخلص الدراسة وتبحث الوزارة عن مبرر جديد تضحك فيه على الناس الطيبين والله هو المستعان.
الرشفة الأخيرة
«أنا عندما أقرأ كتاباً للمرة الأولى، فذلك بالنسبة لي شبيه بكسب صديق جديد، وعندما أقرأ مجدداً كتاباً سبق لي أن قرأته، فذلك يشبه لقائي صديقاً قديماً».
أوليفر غولد سميث