ازدادت في الآونة الأخيرة «التحليلات» و«التسريبات» حول مآل الوضع السياسي في البحرين، لدرجة اضطرت فيها بعض الجهات العليا لإصدار بيانات تنفي أي أخبار يتم تداولها بشكل غير رسمي عنها.
إضافة إلى استخدام بعض الشخصيات سواء المحلية أو الإيرانية وحتى العراقية للتصريح على أن اتفاقات تمت على المستوى الإقليمي بشأن البحرين تفضي إلى «...» وإلى «...».
إن المتابع لما يطرح على الساحة من موضوعات تثير الرأي العام بشكل كبير حول طبيعة التوافقات التي يراد لها أن تكون نتاجاً لحوار وطني، يرى أن هناك جهات تسعى لإبقاء الوضع الداخلي على صفيح ساخن، بتعبئة الرأي العام بمعلومات غير ذات مصدر، وازدادت هذه الشائعات في الفترة الأخيرة ولم تهدأ حتى الآن.
أصبحت المواقف تبنى بشكل مسبق بناء على تسريبات، والجمعيات السياسية تصرح بناء على تسريبات أو تخوفات أو هواجس، وكل ذلك يعود بسبب انقطاع التواصل بين جميع تلك الأطراف إلا ما ندر.
بالحديث مع العديد من الأطراف السياسية الأهلية، يؤكدون -ومنهم رؤساء جمعيات بارزة وبرلمانيون- أن الوضع بالنسبة لهم مازال مبهماً، ولا يعرف ما إذا كانت هناك اتفاقات ستجري في المستقبل أم أن الوضع سيظل على ما هو عليه، ويؤكدون أيضاً أن الحل الداخلي له ارتباط وثيق بما يدور على الساحة العالمية.
إن مجيء الوفد التقني للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، وتصريحهم أمس في الصحافة المحلية أنهم بصدد وضع مشروع حقوقي يخرج البحرين من حالة الاحتقان، ويكون برعاية الأمم المتحدة وباتفاق محلي وطني، يوضح أن هناك توجهاً حقيقياً نحو حل توافقي، وأن هذه الخطوة هي جزء من اتفاقات قد تمت، ستتضح صورتها خلال الأشهر القليلة المقبلة في حال اكتملت لمساتها الأخيرة.
إن هناك ساعة صفر تنتظر مآل الوضع في مملكة البحرين تتمثل في مناقشة التقرير الحقوقي عن تعهدات المملكة الحقوقية، ومن الملاحظ أن هناك ضغطاً شديداً على المملكة لاستضافة مقرر التعذيب الخاص للنظر في هذا الموضوع، والتوقيع على اتفاقية مناهضة التعذيب الدولية، بناء على ما ساقه بسيوني في تقريره عن المملكة.
إن بوصلة جنيف هي التي تحدد مآل الوضع الداخلي للمملكة، فإما يتم ترتيب البيت الداخلي قبل الدخول في معترك جنيف عن طريق الوصول إلى توافقات وتسويات، وإما أن يستمر الوضع على ما هو عليه، وتتفاهم المملكة بطريقتها الخاصة مع تلك المستجدات الدولية.
في النهاية إن التعامل مع الوضع الحقوقي الدولي أصبح أمراً حتمياً، والمملكة اتخذت خطوات جدية في هذا الموضوع، ومن الواضح أن هناك تعاوناً أكبر من مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان، إلا أن المؤشر الحقيقي يبقى بيد من يدير هذا الملف في الحكومة. حيث بات من الواضح أن تلك المنظمات تصنف منظماتنا صنفين: حكومي وشبه حكومي في جانب واحد، ومعارض من جانب آخر، وهذه أزمة بحد ذاتها تحتاج إلى علاج على المستوى البعيد.
إن برنامج الوفد التقني الذي يزور المملكة هو البرنامج الذي يجب أن تصب فيه الجهود من أجل إنهاء الملف الحقوقي بالكامل، بعده يأتي دور الملف السياسي، فإن أغلق الملف الحقوقي، سيكون الملف السياسي تبعاً لذلك أقل حدة، ولن تخلوا العملية من تقديم بعض التنازلات في كل الأحوال، إلا أن فصل الملفين بهذه الطريقة هو السبيل الأفضل لمعالجة الأوضاع الداخلية في المملكة.