الشيء الذي لا يعرفه الكثيرون منا هو أن هناك قوانين إلهيه أو كونية أو طبيعة تدير حركة الحياة، من أصغر ذرة أو ما تحتها إلى أكبر المجرات، والقانون كما اعرّفه شخصياً، هو ما لا بد أن يكون أو هو الحتمي الثابت الدائم المتحاور المتبادل. فالليل لابد أن يعقبه نهار والجزر لا بد أن يأتي بعده مد، والحزن لا بد أن يضحكه الفرح. من هنا فلا يوجد أي شيء في الحياة إلا وهو في حالة حركة مستمرة لا تتوقف، بعض الأحيان لا نرى هذه الحركة بالعين المجردة، مثل حالة الحجر الجامد، ولكن العالم الفيزيائي يقول إن هذا الحجر يتكون من ذرات إلكترون ونيوترون وغيرها، والذرات في حالة حركة مستمرة، وبالتعبير الأولي البسيط عن هذا الأمر من الممكن أن نقول إن الحجر هو كائن حي، ما دامت تتحرك داخله الحياة، الإلكترونات. بهذه المناسبة أتذكر إحدى الحكايات الجميلة والطريفة والتي لا بد أن نتوقف عندها ونتأملها جيداً، حيث حكي أن شيخاً عالماً كان يمشي مع أحد تلاميذه بين الحقول، وأثناء سيرهما شاهدا حذاء قديماً اعتقدا أنه لرجل فقير يعمل في أحد الحقول القريبـة والذي سينهي عمله بعد قليل ويأتي لأخذه. فقال التلميذ لشيخه: «ما رأيك يا شيخنا لو نمازح هذا العامل ونقوم بإخفاء حذائه وعندما يأتي ليلبسه يجده مفقوداً فنرى كيف سيكون وتصرفه!». فأجابه العالم الجليل: «يجب أن لا نسلي أنفسنا بأحزان الآخرين، ولكن أنت يا بني غني ويمكن أن تجلب السعادة لنفسك ولذلك الفقير بأن تقوم بوضع قطع نقدية بداخل حذائه وتختبئ كي تشاهد مدى تأثير ذلك عليه». أعجب التلميذ بالاقتراح وقام بوضع قطع نقدية في حذاء ذلك العامل ثم اختبأ هو وشيخه خلف الشجيرات ليريا ردة فعل ذلك على العامل الفقير. وبعد دقائق جاء عامل فقير رث الثياب بعد أن أنهى عمله في تلك المزرعة ليأخذ حذاءه، وإذا به يفاجأ عندما وضع رجله بداخل الحذاء بأن هنالك شيئاً ما بداخله، وعندما أخرج ذلك الشيء وجده (نقوداً). وقام بفعل الشيء نفسه في الحذاء الآخر ووجد نقوداً أيضاً! نظر ملياً إلى النقود وكرر النظر ليتأكد من أنه لا يحلم.. بعدها نظر حوله بكل الاتجاهات ولم يجد أحداً حوله، وضع النقود في جيبه وخر على ركبتيه ونظر إلى السماء باكياً ثم قال بصوت عالٍ يناجي ربه: «أشكرك يا رب يا من علمت أن زوجتي مريضة وأولادي جياع لا يجدون الخبز؛ فأنقذتني وأولادي من الهلاك»، واستمر يبكي طويلاً ناظراً إلى السماء شاكراً هذه المنحة الربانية الكريمة. تأثر التلميذ كثيراً وامتلأت عيناه بالدموع، عندها قال الشيخ الجليل: «ألست الآن أكثر سعادة مما لو فعلت اقتراحك الأول وخبأت الحذاء؟». أجاب التلميذ: «لقد تعلمت درساً لن أنساه ما حييت، الآن فهمت معنى كلمات لم أكن أفهمها في حياتي، عندما تعطي ستكون أكثر سعادةً من أن تأخذ». فقال له شيخه: «لتعلم يا بني أن العطاء أنواع: العفو عند المقدرة عطاء، الدعاء لأخيك بظهر الغيب عطاء، التماس العذر له وصرف ظن السوء به عطاء، الكف عن عرض أخيك في غيبته عطاء».