استفسرت من النيابة العامة أمس الأول -أي يوم الثلاثاء- أين وصل موضوع معهد البحرين للتدريب؟ خاصة وأن وزارة التربية حولت الموضوع لكم منذ عام ونصف تقريباً.
تجاوب النيابة كان سريعاً -ويشكرون عليه- فقد تم إخباري أن النيابة العامة اليوم (أي الثلاثاء)، بعد سؤالي، سيرسلون تقريرهم النهائي لوزارة التربية والتعليم!
الحمد لله.. على الأقل وصلنا إلى نتيجة، صحيح أن التحقيق استغرق عاماً ونصف العام، لكن أخيراً تحرّك الموضوع، وسألت هل اكتشفت النيابة وجود جرائم جنائية في ما أحيل لها من تقارير؟ كانت الإجابة أن النيابة تقر بوجود مخالفات جنائية ولكن الاستدلال على الفاعل كان صعباً لأسباب بعضها يعود لطول المدة وبعضها لأسباب أخرى سيرد ذكرها في التقرير الذي سيرسل إلى الوزارة.
أما بقية المخالفات فهي «مخالفات إدارية» وسيترك لوزارة التربية والتعليم أن تتخذ الإجراءات المناسبة تجاهها.
لم يتسنَ لي الحصول على نسخة من التقرير الخاص بالنيابة العامة، إنما نناشد وزارة التربية التحلي بالشفافية ونشر تقرير النيابة لأن الموضوع شأن عام ولأن المال المشار إليه في التقارير هو مال عام، وحمايته واجب وطني وفقاً للمادة التاسعة «ب» من الدستور والتي تنص «للأموال العامة حرمة وحمايتها واجب على كل مواطن».
فلاش باك... سأعود لكم إلى أصل الحكاية ومن أين بدأت.
بناء على المرسوم الملكي رقم «24» لسنة 2011 بشأن إعادة تنظيم وزارة التربية والتعليم، صدر القرار الوزاري رقم «505/م ع ن/2011» لسنة 2011 بتشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ المرسوم بضم معهد البحرين للتدريب إلى الهيكل التنظيمي لوزارة التربية والتعليم، فقامت الوزارة فور استلامها المسؤولية الرقابية والإشرافية بالتالي:
1. تكليف جهة خارجية مختصة للقيام بعملية التدقيق المستقل للتأكد من مدى التزام المعهد باللوائح المالية والإدارية، فكلفت شركة فخرو «KPMG» التي أصدرت بعد التدقيق والمراجعة تقريرها المهني المستقل حول المعهد.
2. في خط موازٍ قامت الوزارة بتشكيل لجنة داخلية من المختصين لدراسة وتدقيق الجوانب الرئيسة الإدارية والمالية والتدريبية، لمراجعة أعمال المعهد، والتأكد من مدى التزامه بالإجراءات الإدارية والمالية، تمهيداً لتصحيح أوضاعه، والتي أصدرت تقريرها حول المعهد.
3. كما استفادت الوزارة خلال عملية المراجعة بالتقريرين الصادرين عن ديوان الرقابة المالية والإدارية للعام 2010، وديوان الخدمة المدنية الخاص بالمعهد، الصادر في العام 2011.
وفي ضوء ذلك تبين وجود العديد من الحقائق والمخالفات التي تمثل جرائم الأموال العامة «إهدار المال العام-التربح» وهذا موجز من مخالفات معهد البحرين للتدريب خلال الفترة السابقة:
1. توفير امتيازات مالية وعلاوات لكبار الموظفين مخالفة للأنظمة، وغير معتمدة من سلطة الإشراف.
2. الحصول على بعثات بامتيازات خاصة وغير قانونية.
3. مخالفة مستويات الرواتب كما هي مقررة في الجداول المعتمدة، وكذلك تطبيق جداول غير معتمدة، ومخالفة أنظمة الترقية.
4. القيام بدمج العلاوات مع الراتب لتضخيم المعاش التقاعدي بشكل مصطنع وغير قانوني.
5. مخالفة جدول مستوى الصلاحيات بشأن الاعتماد والترشيح للبعثات الدراسية «الماجستير والدكتوراه» وعدم اعتمادها من الوزير والاكتفاء باعتمادها من قبل مدير المعهد.
6. اعتماد جداول الرواتب دون اتباع اللوائح المقررة داخلياً.
7. قام المعهد بتنفيذ كل الجداول قبل اعتمادها من وزير العمل.
8. مخالفة النظم واللوائح والقواعد المالية المقررة في المعهد ووزارة العمل في الأمور المتعلقة بالعلاوات بكافة أنواعها: حيث تم صرف علاوات بالزيادة بالنسبة لبعض الموظفين، وصرفها للأقل لبعض الموظفين، وصرف مقابل علاوة الاتصال لموظف ومن ثم تم قطع هذه العلاوة دون سند قانوني سواءً بالمنح أو المنع.
9. إلحاق ضرر بميزانية المعهد لعدم وضع معايير لاحتساب أسعار الدورات التي يعدها المعهد، وعدم اتباع الإجراءات السليمة في إعداد الميزانية والامتناع عن تقديم تقارير ومستندات توضح الوضع المالي للمعهد، والتأخير في إعداد الميزانية واعتمادها.
10. مخالفة اللوائح والنظم المالية المقررة مما أضر بميزانية المعهد بتوقيع عقود ومستندات دفع بالمخالفة لمستوى الصلاحيات المخولة بتصريح المعاملات المالية المعمول بها وقت الاعتماد.
11. تربيح الغير وإلحاق خسائر بميزانية المعهد دون سبب مشروع وذلك بإعدام الديون المستحقة للمعهد بالتجاوز لمستوى الصلاحيات المقررة لصالح المعهد بقيمة 15.475 ألف دينار بناءً على توجيهات الوكيل المساعد وإعدام ديون لصالح المعهد بقيمة 18.630 ألف دينار بناءً على توجيهات الوكيل المساعد.
12. مخالفة لقانون رقم «36» لعام 2002 بشأن تنظيم المناقصات والمشتريات الحكومية مما يشكل إهداراً للمال العام وإلحاق الضرر بميزانية المعهد بأن فوت على الدولة أسعاراً وعروضاً تنافسية أقل من الأسعار، وتتلخص مخالفات المناقصات والمشتريات كالتالي:
- مخالفة مادة رقم «11» بحيث تم تحويل الطلبات التي تنطبق عليها شروط المناقصات إلى شراء مباشر، إذ قام المعهد بتوفير تذاكر السفر للمدرسين كعملية شراء مباشر علماً بأن المبلغ الإجمالي يفوق 25 ألف دينار للسنوات من 2008-2011 دون الرجوع إلى المجلس أو أخذ الموافقة.
- التحايل على المادة رقم «5»، إذ قام قسم المشتريات بتقسيم طلب تجاوز 25 ألف دينار وتحويله إلى طلب مشتريات مباشرة، بحجة السرعة وضيق الوقت علماً بأن وقت سفر المدرسين معروف مسبقاً لدى الجميع.
- لم يقم المعهد بتجميع الاحتياجات المتجانسة وشرائها دفعة واحد، مما يتعارض مع أحكام المادة «5» من قانون تنظيم المناقصات والمشتريات الحكومة.
- استناداً للبند «13-1» والذي ينص على وجوب تحرير عقد طبقاً للعقود النموذجية المعتمدة من مجلس المناقصات، حيث تجاوز قسم المشتريات مخالفاً للقانون بأن تمت الترسية في مناقصة التأمين الصحي لموظفي المعهد دون التوقيع على العقود، مبررين هذا بأن وثيقة التأمين كافية مع العلم بأن القانون واضح ولم يتضمن أي استثناء وعلاوة على ذلك بأن وثيقة التأمين لم توقع من الطرفين.
13. مخالفة النظم واللوائح المالية المقررة باحتساب كلفة الساعة لموظفي العمل الجزئي تفوق المعدل وبكلفة تجاوزت الحد الأقصى ووصلت إلى 60 ديناراً للساعة الواحدة.
14. مخالفة النظم واللوائح المالية المقررة بالتأخير في عملية استرجاع الديون ومتابعة مستحقات المعهد «الذمم المدينة» والتي بلغت 3.7 مليون دينار مما يعد إهداراً للمال العام.
15. مخالفة القوانين واللوائح المعمول بها بخصوص الهيكل التنظيمي بوجود عدد من الموظفين بمسميات وظيفية تفوق الأعداد المعتمدة في الهيكل التنظيمي، ووجود موظفين على مسميات وظيفية غير موجودة بالهيكل التنظيمي.
16. مخالفة القواعد والتعليمات المالية المقررة بأن قام المعهد بكفالة أحد الموظفين في قرض من خارج المعهد بمبلغ 66.908 ألف دينار بحريني بالمخالفة للأنظمة المقررة، مما يشكل جريمة إهدار المال العام والتربح.
17. وجود ازدواجية في المسؤوليات الإدارية والمالية لكبار المسؤولين في المعهد ووزارة العمل في ذات الوقت «مثال على ذلك: نائب المدير العام للشؤون المالية والإدارية في المعهد هو نفسه رئيس وحدة الشؤون المالية في مشروع توظيف الخريجين التابع لوزارة العمل» بحيث يؤدي ذلك إلى تضارب المصالح وإهدار المال العام. كما تبين بأنه تمت الاستفادة من صرف مكافأة شهرية لموظفين في المعهد للمشاركة بمشروع تأهيل وتوظيف الخريجين الجامعيين دون وجود اعتماد لهذه المكافأة طبقاً للقواعد المقررة في هذا الشأن، وكذلك صرف علاوات الاتصال والسيارة من المشروع، إضافة إلى صرف هذه العلاوات من المعهد.
18. وجود خلط بين ميزانية المعهد وميزانية المشاريع التابعة لوزارة العمل، بحيث يتم دفع مبالغ من حساب معهد البحرين على الرغم من أن الطلب يصب في مصلحة أحد مشاريع وزارة العمل «مثال على ذلك: شراء كتب إلكترونية بقيمة 24.738 ألف دولار أمريكي لصالح مشروع تأهيل وتوظيف الخريجين»، كما إن المعهد لم يطبق أحكام وقوانين المناقصات للحصول على موافقة المجلس، وقد تم إخطار البنك بإجراء الحوالة للمورد في تاريخ 13/4/2010 أي قبل صدور القرار الملكي برفع سقف المناقصات إلى 25 ألف دينار.
19. عدم وجود قواعد ونظم لاحتساب قيمة الرسوم التدريبية، مما أدى إلى إهدار المال العام. «انتهى التقرير»
ملاحظات:
لنتذكر أن ما قرأتموه من مخالفات هو أولاً موجز للمخالفات وليس كلها ولا تفصيلها.
2 - هو نتيجة توصلت لها 3 من لجان التحقيق، واحدة من خارج الوزارة قامت بها مؤسسة فخرو للمحاسبة «كي بي ام جي»، وأخرى ورد ذكرها في تقرير ديوان الرقابة المالية، والثالثة من داخل الوزارة.
3 - نحن نتحدث عن ملايين من الدنانير ملايين من المال العام.
الآن لا يهمني التكييف القانوني لتلك الممارسات إن كانت تعد جرائم أم مخالفات، جنائية أم إدارية، كلي ثقة بمهنية النيابة العامة ونزاهتها واستقلاليتها، إنما يهمني هو حكم الضمير المستتر وتكيفه الأخلاقي والديني والعرفي والقيمي والمبدئي لتلك الممارسات.
ما يؤسف له حقاً أنه نتيجة للاصطفافات الطائفية سنجد في هذا التدني الأخلاقي الذي ارتكبت فيه تلك الممارسات مع المال العام بشكل تحرمه كل الأديان والأخلاق والأعراف والقيم والمبادئ، سنجد -مع الأسف- منبراً دينياً يدافع عن مرتكبي تلك الممارسات، وجمعية سياسية تدافع عن مرتكبيها، ومنظمة دولية تدافع عن مرتكبيها، وصحيفة تصف الإجراء القانوني الذي سيتخذ تجاه مرتكبيها بأنه تطهير طائفي واضطهاد ديني وتمييز، ومسؤولين يتغاضون عن محاسبة مرتكبيها نتيجة صفقات سياسية!!.. آخ يا بلد
وأترك الحكم النهائي على هذه القضية لكم.. حضرة القاضي.. حضرات المستشارين.