لا نتوقع أن تتفهم الوفاق هذا الكلام فهي كالخيل الهرمة التي وضع على عينيها حاجب يمنع عنها رؤية ما يجري خارج مسارها، لكننا نخاطب حلفاء هذه المجموعة ورعاتهم وتحديداً السفيرين البريطاني والأمريكي.
يصعب على الوفاق الآن فصل نفسها عن المجموعات الإرهابية، فات الأوان على ذلك القرار، فالوفاق تعرف جيداً وعلى يقين بحقيقة القوارب التي تم رصدها وكشفها وتوقيفها وهي محملة بأخطر أنواع الأسلحة والمتفجرات وأشدها فتكاً، ومصدر يقينها تأكيدكم أنتم لهذه الواقعة، وليس تصديقها لما أعلنته السلطات الأمنية، كما تعرف حقيقة إصابة ووفاة فاضل عباس لكنها مصرة على موقفها السابق.
ومع ذلك الوفاق لم تكتفِ بصمتها وعدم استنكارها وشجبها لهذا المنعطف الخطير، بل ظلت هي وصحيفتها يسمون المتورطين في هذه الجرائم الخطيرة «محتجون» حين يقبض عليهم، ومن يتعرض لإصابة أو يموت أثناء مطاردته منهم يسمى في أدبياتهم «شهيد» ورجال الأمن الذين يتصدون لهم معرضين حياتهم للخطر بعد أن قتل منهم تسعة أفراد يسمونهم «مرتزقة النظام».
الوفاق تعرف أن الأسلحة مهربة من العراق برعاية إيرانية وصناعة ايرانية، ومع ذلك مازالت على موقفها الإنكاري التام حتى لو طلبتم منها أن تتخذ موقفاً حازماً يرفع عنكم الحرج لكثرة وساطتكم لها فإنها لم ولن تستجيب، فهل وصلتكم القناعة التي وصلنا لها نحن من سنوات بأن قرارها ليس بيدها؟
لا أعتقد أن هناك عقلاً بات لا يعرف أن الوفاق هي الداعمة الأولى للإرهاب بهذا الموقف، ورغم أننا نعرف ذلك، بل ونعرف أن موقفها لم يتغير منذ 17 فبراير 2011 خاصة بعد أن انسحبت من المجلس النيابي وعدم سماعها لنصائحكم بالبقاء، فإنكم بقيتم تدافعون عنها وتصورون أعضاءها على أنهم دعاة سلم وسلام، وتفرضونهم قسراً على المجتمع البحريني.
دعمتموها على حساب أمننا وعلى حساب استقرارنا وعلى حساب ثوابتنا وميثاقنا الوطني الذي صوتنا عليه بنسبة 98,4 % و اليوم بعد عامين من العنف والإرهاب وتصاعده حتى يناير 2014، تفرضونهم للمرة الرابعة علينا وهاهي الوجوه لم تتغير والخطاب لم يتغير والخط والنهج واحد، هم منقسمون مشتتون الآن، ومن تقابلونهم ويعطونكم الوعود لا يملكون من الأمر شيئاً.
إن كنتم تريدون الخير فعلاً للبحرين فاعلموا أنكم لا تراهنون على حصان خاسر رمى نفسه وحرق جميع مراكبه البحرينية فحسب، اعلموا أنكم لا تراهنون على من فقد السيطرة والقرار فحسب، بل أنكم تقفون في وجه تدافع القوى السياسية الطبيعي في بلد حديث العهد بالتجربة الديمقراطية بشكل يهدد التجربة واستمراريتها، والتي تحتاج إلى وقت كي تنضج وتتبلور وطنياً، لقد جعلتم الدول الأخرى المجاورة تكفر بالديمقراطية إن كان هذا هو نموذج القوى التي ستدعمها أمريكا و بريطانيا!
أنتم تفرضون قوى ثيوقراطية على مجتمع مدني تفرضون مجموعة تدعم العنف والإرهاب ولديها حلقة وصل إيرانية على مجتمع بحريني عربي مدني له تاريخه وله امتداده العربي والخليجي.
دعوا المجتمع البحريني يفرز قواه السياسية ويختارها من خلال ممارسة حقوقه السياسية دون ضغط ودون فرض، لقد قتلتموهم دعماً فإلى متى؟
البحرين اليوم بحاجة لفتح صفحة جديدة لقوى سياسية جديدة شابة وليدة الدولة لا وريثة للثورة.
بحاجة لمجموعات جديدة مختلطة التشكيل متجاوزة الثنائية الطائفية البغيضة، ومنفتحة بجدية على بقية القوى السياسية الأخرى في البحرين، تؤمن أن العمل السياسي لابد أن يبدأ وينتهي داخل البحرين، ضمن إطارها الدستوري داخل وخارج قبة البرلمان، مجموعة تؤمن ببناء الدولة لا بهدمها، بتراكم التجارب لا بالبداية في كل مرة من جديد ومن المربع الأول، تؤمن بأن الطريق للتغيير يتم عبر التحالفات البحرينية حتى وإن طال الزمن للوصول إلى توافقات للإرادات السياسية بينها من أجل تطوير التجربة، فإن تحقق هذا التوافق خارج القبة البرلمانية فإنه توافق أصلي جذوره بحرينية و أفرعه بحرينية ينفذ ويتحول إلى واقع عبر المؤسسة الشرعية هكذا تبنى الدول هكذا تتحقق المكاسب، أما «المكاسب» التي تنالها أي من القوى -مردها دعم أمريكي- أومردها متفجرات صناعة إيرانية، فهي مكاسب زائلة لا محالة، ووصمة عارٍ تلصق بجباه أصحابها، وحلقة ضمن مسلسل لن ينتهي بجولة حوار بل بحوار يجر حواراً، بهدم يتبعه إزالة وهكذا إلى ما لا نهاية.
دعوهم يدخلون التجربة بلا دعم منكم يتعلمون السباحة، ويخطئون ويصححون دعوا البحريني لخياراته المستقلة، إنكم تضرون بالنمو الطبيعي لتجربته ليس هناك مايكرويف ديمقراطي، ألا تكفيكم عراق واحدة؟ هل من الضروري أن تقتلوا عراقين؟