أكتب الآن وقبل أي معلومات متوفرة حول حقيقة ما حدث من هروب سجناء، والقبض عليهم ثانية، خرجت أنباء عن أن هناك مؤتمراً صحافياً للداخلية، ولا أعرف متى سيعقد، ماذا سيقال في المؤتمر إن كان هناك مؤتمر.
أمس أعلنت وزارة الداخلية أنها قبضت على المجرم الهارب المحكوم بـ 80 عاماً، وقبضت على مجموعة من الهاربين معه في بيت بمنطقة سار، بعض المصادر قالت إن البيت الذي اختبؤوا فيه كان مجاوراً لبيت السفير الأمريكي (.....) ولا نعلم مدى صحة هذه المعلومة!
ما يشغل الناس اليوم هي عبارة (ماذا يجري وأين الحقيقة في عمليه الهروب؟ وهل هناك ضعف في إجراءات السجون؟ في المقابل يقول البعض إن ذلك كان بتدبير من الداخلية من أجل القبض على جماعات أخرى مطلوبة)..!
نحن نقع اليوم بين فرضيتين لا نعرف مدى صحتهما، غير أن إجراءات وزير الداخلية بتشكيل لجنة ونقل آمر السجن إلى ديوان الوزارة يعطي انطباعاً أن هناك أموراً كثيرة خاطئة وتحتاج إلى مراجعة ودراسة، وإلا فإن عمليات هروب السجناء أصبحت تثير الناس وتشوه صورة الوزارة، وتجعل الناس تفقد الثقة في إجراءات السجون.. وهذه مصيبة.
بحثت الوزارة عن تطبيق مبادئ حقوق الإنسان في السجون، يقال إنه تم تركيب كاميرات بالسجون، وهذا يعني أن طريقة الهروب واضحة للداخلية، غير أنه من الواضح أن تطبيق حقوق الإنسان أخل بالضوابط والإجراءات التي تكفل عدم هروب السجناء، بحثنا عن حقوق الإنسان وضيعنا حقوق المجتمع.
وإلا فإن ما يحدث بين فترة وأخرى من عمليات هروب تجعلنا نقول إن هؤلاء السجناء في سجن من ورق..!
وإن كانت وزارة الداخلية قد تركت السجين يهرب لتتعقبه من أجل القبض على مجموعة أخرى هاربة، فهذا تطور كبير في فكر وتخطيط الشرطة، بل تطور خطير وغير مسبوق، وإن أردتم الحقيقة هذا يحسب للوزارة (إن كانت هذه الفرضية صحيحة)..!!
ما نطرحه كصحافة من نقد إنما نرجو به خدمه هذا الوطن وأهله وقيادته، ليس لدينا مرض ضرب الأشخاص أصحاب المناصب، لا في الداخلية ولا في أي جهة أخرى ونحمد الله على ذلك، إنما ننتقد العمل، ونجتهد من أجل أن نكون على صواب.
نعلم أن الداخلية تعمل بجهود كبيرة وهذه الوزارة في موقع ضغوط محلية وخارجية منذ أربعة أعوام، نقدر هذا، ونقدر جهود الشيخ راشد بن عبدالله وزير الداخلية وقد أشدنا بمواقفه الوطنية في مناسبات عدة، ونتمنى تقبل الرأي الآخر، فكثيراً ما طرحت الصحافة أفكاراً وملاحظات استفادت منها الداخلية، حتى وإن لم تعلن الوزارة عن ذلك، إلا أننا نعلم أن إجراءات كثيرة اتخذت بفضل ما طرح بالصحافة وهذا توفيق من الله أولاً وأخيراً، واستجابة طيبة من الداخلية.
حين طرح وزير الداخلية فكرة مراجعة الإجراءات والخطط في الوزارة، فإن هذا أمر يصب في الاتجاه الصحيح، وأعتقد أن هناك أشخاصاً في الوزارة يستحقون التكريم، يستحقون أن يمسكوا مناصب قيادية، وبالمقابل هناك أشخاص ينبغي أن يقال لهم شكراً على ما قدمتموه..!
المناصب الكبيرة والمؤثرة تحتاج إلى غربلة، وتمكين الرجال الأكفاء والذين يعملون بإخلاص للبحرين وأهلها ولقيادتها، وهذا مجرد رأي فقط، ولا إملاء فيه على أحد.
في اعتقادي أن المراجعات ينبغي أن تفضي إلى تطوير الأداء، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ووضع حلول للأخطاء والنواقص والهنات.
أعود إلى ما بدأت به؛ فإن كان ما يحدث في السجون هو بسبب أخطاء في الإجراءات والضوابط (بكل ما تعنيه هذه العبارة) وفي وضع أناس غير مخلصين في أماكن بعينها داخل السجون، فإن كان هذا صحيحاً فيجب أن تخرج قرارات قوية وصارمة وأن يتم التحقق من بعض الأشخاص غير الأمناء، وأن يتم تصحيح صورة السجون التي يهرب منها السجناء بشكل دوري.
وإن كانت الداخلية رتبت الهروب للقبض على مطلوبين من بعد أن يقوم الهارب بالاتصال بهم، فإن هذا عمل متطور وكبير، أحسبه (إن صحت الفرضية) تطوراً غير مسبوق ومفاجئ لنا، فهل هو كذلك؟ أم أن الهروب تم بضعف الإجراءات وتواطؤ من البعض في الداخل وتم القبض على الهاربين صدفة..!
** الأسلحة بالمآتم..!!
لا أعرف إلى متى تبقى هذه الدولة تتفرج على ما يحدث، فقد أخذوا ينكرون أزماناً أن هناك أسلحة بمآتم، وأخذوا يتوعدون من يقول ذلك برفع القضايا، واليوم اتضحت الحقائق - رغم أن أهل البحرين يعرفون الحقائق- ها هي مآتم تخرج منها الأسلحة، فكم مأتم يخزن فيه السلاح، وإلى متى تتفرج الدولة على هذا؟
ما هو دور وزارة العدل في هذه القضية؟
ما هو دور الأوقاف الجعفرية؟
ما هو موقف مجلس النواب؟
إلى متى نتفرج على كل بؤر الإرهاب؟ إلى متى نبقى ننتظر الإرهاب يضرب ويقتل وإجراءاتنا ضعيفة ومهزوزة ومترددة؟
التحقيقات في قضية استشهاد الشحي وبقية رجال الأمن أظهرت أن هناك شخصين يعملان على تشكيل جبهة للإرهاب، فإن كان هؤلاء هم ما يسمى سرايا الأشتر، فهل يعني هذا أن الداخلية قبضت على كل سرايا الأشتر، أم أنهم قبضوا على شخصين فقط؟
نقول للداخلية صحيح أن جهودكم مشكورة في القبض على الهاربين، والكشف عن الأسلحة، إلا أن كل هذه المعلومات تظهر أن هناك أموراً كثيرة لا تعرفونها، وأن هناك سلاحاً كثيراً مخبأ لم تصلوا إليه بعد، هذه هي الحقيقة.
المآتم التي كشفت فيها الأسلحة لا ينبغي أن تبقى مفتوحة ومرخصة، يجب إزالة ترخيصها بالقضاء وإغلاقها نهائياً حتى تكون عبرة للبقية، لكن في هذه الدولة لا نعتقد أن هذا سيحدث، فإجراءات الداخلية والعدل دائماً دون مستوى الحدث، وهذا مخجل ومؤسف ومحبط..!