الظروف الصعبة المحيطة بالإنسان في كل مكان والمشاكل اليومية التي يصادفها، والتي تسكن في مساماته وتسبب له القروح والجروح، تجعله لا يعرف كيفية التعامل معها والتغلب عليها، وتتركه معاقاً عن الفعل الذي عليه أن يقوم به، ليستطيع ممارسة الحياة كما يجب أن تكون.
هنا من يرى غير ذلك، حيث الحياة تحتاج من الإنسان أن يتعامل كما هي عليه، ويؤدي دوره الذي جاء من أجل أدائه على هذا الكوكب، ويعيش بفطرته التي فطر عليها، دون إعطاء المصاعب التي تمر أية أهمية لأنها زائلة، ومن هاتين النظرتين إلى العالم؛ النظرة الإيجابية والنظرة السلبية تدور محاور الحياة التي نعيش، ومن أجل إلقاء بعض الضوء على هاتين النظرتين دعونا نعيش مع هذه القصة التي حدثت أو تحدث الآن أو ستحدث مستقبلاً، تقول القصة..
جلس مؤلف كبير أمام مكتبه وأمسك بقلمه، وكتب: «في السنة الماضية أجريت عملية إزالة المرارة ولازمت الفراش عدة شهور.. وبلغت الستين من العمر فتركت وظيفتي المهمة في دار النشر التي ظللت أعمل بها ثلاثين عاماً.. وتوفي والدي.. ورسب ابني في بكالوريوس كلية الطب لتعطله عن الدراسة عدة شهور بسبب إصابته في حادث سيارة..». وفي نهاية الصفحة كتب: «يا لها من سنة سيئة..».
دخلت زوجته غرفة مكتبه ولاحظت شروده، فاقتربت منه، ومن فوق كتفه قرأت ما كتب، فتركت الغرفة بهدوء من دون أن تقول شيئاً، لكنها وبعد عدة دقائق عادت وقد أمسكت بيدها ورقة أخرى وضعتها بهدوء بجوار الورقة التي سبق أن كتبها زوجها.
فتناول الزوج ورقة زوجته وقرأ منها: «في السنة الماضية شفيت من آلام المرارة التي عذبتك سنوات طويلة، وبلغت الستين وأنت في تمام الصحة.. وستتفرغ للكتابة والتأليف بعد أن تم التعاقد معك على نشر أكثر من كتاب مهم.. وعاش والدك حتى بلغ الخامسة والثمانين من غير أن يسبب لأحد أي متاعب وتوفي في هدوء من غير أن يتألم.. ونجا ابنك من الموت في حادث السيارة وشفي بغير أية عاهات أو مضاعفات».
وختمت الزوجة عبارتها قائلة: «يا لها من سنة أكرمنا الله بها وانتهت بكل خير، الحمد الله على كل شيء».
نفس الأحداث، نفس الظروف، نفس المعاناة، كل واحد من الزوجين نظر إليها من وجهة نظره الخاصة كل واحد من الزوجين رأى ما لا يراه الآخر.
من الطبيعي إننا كأسوياء نقف مع النظرة الإيجابية التي عاشتها واندمجت فيها الزوجة، فيما الزوج كانت نظرته سلبية، وعادة ما تكون النظرات السلبية هي السبب في الأمراض التي تصيب أصحابها وتنزل من الأعلى للأسفل، هذا إذا لم تطردهم من الحياة لأنهم لا يحمدون الله على النعم التي لديهم، لا يحمدون الله على ما أعطاهم وفضلهم على ملايين البشر ممن يعيشون معهم على هذه الأرض ويحيون معهم في العمر الذي يعيشون.