«بالمال والعلم والولد.. سنحكم البلد»؛ عبارة ترددت على مسامعي مذ كنت طفلة، وكانت أصداؤها تنتشر في كل مكان معللة الفوضى التي عمت البحرين في التسعينات، وبمستوى أكثر عنفاً وإصراراً في مطلع العقد الثاني من القرن الجاري. تمثل هذه العبارة صوت المعارضة في البحرين ومنهجها، بل تمثل استراتيجيتها التي عملت على تنفيذها سنوات طوال، لنجد في المحصلة البون الشاسع بين أطياف المجتمع بهذا المنظور الثلاثي لعوامل البقاء والاستيلاء على البلاد والعباد.
وقد تكشفت أوراق المعارضة البحرينية، بما لم يترك مجالاً للشك ولا حتى للتحليل والتوضيح في هذا الشأن، غير أننا لو تأملنا في واقع أطياف المجتمع البحريني، لعلنا نجد آخرين ممن طبقوا تلك الاستراتيجية، وتغلغلوا في المراكز الحساسة من المملكة، وسيطروا بشكل أو بآخر على كثير من المؤسسات التعليمية «مدارس وجامعات» عبر مجالس الطلبة أو الهيئات التعليمية، وعلى مواقع التجارة والاقتصاد، وشجعوا فيما بينهم على كثرة الإنجاب. فيما انغمس العامة من الأطياف غير المسيسة في رفاهية شكلية وعزوف عن نيل العلم بدرجاته الجامعية والعليا على وجه الخصوص، وآثروا تقنين الإنجاب مراعاةً لمتطلبات الحياة وصعوبة العيش.
يدعو هذا للتأكيد على حجم ما كانت تتلقاه المعارضة من تمويل ضخم من الداخل والخارج، ودعم مكن تلك الجماعة من تحقيق مستوى حياة مرّفه أو فوق المتوسط، والحصول على فرص تعليمية أفضل داخل البحرين وخارجها أيضاً، فيما قبعت بقية الفئات لبعض القوانين المدنية العامة، في شروط استحقاق البعثات التعليمية والوظائف، الأمر الذي يمكن السيطرة عليه من خلال المواقع الحساسة والتي تبوأتها جماعات مختلفة، فالمعارضة من جهة، و«الإخوان المسلمين» من جهة أخرى، ويمكن القول إن الجماعة الأخيرة رسمياً «موضع نظر».
إننا بحاجة لوقفة مراجعة جادة.. والنظر في إعادة صياغة الديمغرافية البحرينية جذرياً، لا تقديم حلول طارئة تكلفنا مزيداً من المشكلات المستقبلية، كما إننا بحاجة لإعادة التوازن في كثير من العوامل ولعل أهمها الثلاثة التي شكلت استراتيجية الجماعات بين قوسين. ولعل عبور الأزمة بسلام وإعادة تصليح الخلل كامن في قليل من الدعم لبعض الفئات الأخرى المتوازنة أو ممن قدمت الولاء الخالص، وما شابه ذلك من حلول.