يبدو أن مشكلة ارتفاع الأسعار في البحرين أخذت منحىً تصاعدياً بشكل لافت وخطير، فلم تعد هناك سلعة إلا وطالها الغلاء، ولم تتوقف حدود ذلك عند سقف معين، بل وصل ارتفاع الأسعار إلى كل السلع والخدمات.
ارتفعت أسعار مواد البناء، وكذلك الأدوية والإيجار والمواد الغذائية، كما شمل ذلك كافة الخدمات المتعلقة بالصحة والتعليم، وهذا الارتفاع في الأسعار يزداد يوماً يعد يوم، ولا يملك المواطن، ولا حتى المقيم، أن يفعل إزاء هذا السيل الجارف من الغلاء سوى الغرق أو الاستسلام.
قبل الحديث عن الغلاء يجب أن نقرر ما هي الأسباب التي تؤدي إليه. يرى أهل الاختصاص أن من أبرز مسببات ارتفاع الأسعار في عصرنا الراهن هو ارتفاع أسعار النفط والطاقة، والذي بدوره يرفع من أسعار الشحـــن وكـل المواد الاستهلاكية من الدول الصناعية المستوردة للنفط. كذلك في ارتفاع أسعار المواد المستوردة والاعتماد عليها بصورة مطلقة، وزيادة عدد السكان، وتدهور سعر صرف الدولار مقابل العملة المحلية، وعدم مراقبة الدولة للتجار والأسعار.
هذا ناهيك عن غياب الوازع الأخلاقي والإنساني للكثير من أصحاب السوق، مما يترتب على ذلك ارتفاع الأسعار والغش والتدليس والسرقة والاحتيال والاحتكار، كما لا يمكن تجاهل التضخم الذي يعني «الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار، أو الانخفاض المستمر في قيمة النقود».
هذه أهم مسببات ارتفاع الأسعار في شكلها العام، ولو تتبعناها لرأينا أن غالبية هذه الأسباب متوفرة في البحرين، لكن السؤال الأكثر أهمية هو: ما هي الحلول الحقيقية والاقتصادية لمشكلة ارتفاع الأسعار في البحرين؟
نستطيع أن نوجز أبرز الحلول التي من شأنها أن تقضي على ظاهرة الغلاء وهي: وضع الكثير من الحلول والخيارات للقضاء على التضخم الحاصل. تطوير وتنوع النظام الاقتصادي في البحرين. دعم السلع الاستهلاكية بصورة أكبر. تخفيض نسبة الرسوم الجمركية، خصوصاً على المواد الاستهلاكية والأولية. مراقبة الأسعار بصورة صارمة، ورسم تسعيرات حكومية لا يمكن تجاوزها. خفض بعض الرسوم الخدمية للمواطنين، وعلى وجه التحديد، للطبقة الفقيرة والمتوسطة. دعم الصناعة المحلية والإنتاج المحلي، وكذلك دعم التجار الصغار في السوق. توظيف أكبر عدد من البحرينيين في القطاعين العام والخاص، وكذلك إفساح المجال لكل الشباب البحريني للانخراط في سوق العمل. وضع قيود على حركة التجارة بالنسبة للتاجر الأجنبي.
هـذه أهــــم الحلـــول التي نراها مناسبة للقضاء على ظاهرة الغلاء والتي باتت تؤرق الجميع دون استثناء، وهذا لن يكون كافياً على الورق أو في بطن مقال عابر، بل يجب العمل ومن الآن على رسم استراتيجيات واضحة لمعالجة ارتفاع الأسعار، أما أن تقف الدولة مكتوفة الأيدي أمام هذه الظاهرة الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة، فإن ذلك لن يكون أمراً مقبولاً أبداً، فالكرة الآن في ملعب الحكومة.